تفسير الرازي - الرازي - ج ١ - الصفحة ٢١٨
القرآن فههنا يلزمه أن يأتي بالذكر، وهو التكبير والتحميد، وقال أبو حنيفة لا يلزمه شيء، حجة الشافعي ما روى رفاعة بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا قام أحدكم إلى الصلاة فليتوضأ كما أمره الله، ثم يكبر، فإن كان معه شيء من القرآن فليقرأ، وإن لم يكن معه شيء من القرآن فليحمد الله وليكبر، بقي ههنا قسم واحد، وهو أن لا يحفظ الفاتحة ولا يحفظ شيئا من القرآن ولا يحفظ أيضا شيئا من الأذكار العربية، وعندي أنه يؤمر بذكر الله تعالى بأي لسان قدر عليه تمسكا بقوله عليه الصلاة والسلام: " إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ".
المسألة الخامسة عشرة: نقل في الكتب القديمة أن ابن مسعود كان ينكر كون سورة الفاتحة من القرآن، وكان ينكر كون المعوذتين من القرآن، واعلم أن هذا في غاية الصعوبة، لأنا إن قلنا إن النقل المتواتر كان حاصلا في عصر الصحابة بكون سورة الفاتحة من القرآن فحينئذ كان ابن مسعود عالما بذلك فإنكاره يوجب الكفر أو نقصان العقل، وإن قلنا إن النقل المتواتر في هذا المعنى ما كان حاصلا في ذلك الزمان فهذا يقتضي أن يقال إن نقل القرآن ليس بمتواتر في الأصل وذلك يخرج القرآن عن كونه حجة يقينية، والأغلب على الظن أن نقل هذا المذهب عن ابن مسعود نقل كاذب باطل، وبه يحصل الخلاص عن هذه العقدة، وههنا آخر الكلام في المسائل الفقهية المفرعة على سورة الفاتحة والله الهادي للصواب. الباب الخامس في تفسير سورة الفاتحة، وفيه فصول الفصل الأول تفسير " الحمد لله ":
في تفسير قوله تعالى: * (الحمد لله) * وفيه وجوه: الأول: ههنا ألفاظ ثلاثة: الحمد، والمدح والشكر، فنقول: الفرق بين الحمد والمدح من وجوه: الأول: أن المدح قد يحصل للحي ولغير الحي، ألا ترى أن من رأى لؤلؤة في غاية الحسن أو ياقوتة في غاية الحسن فإنه قد يمدحها، ويستحيل أن يحمدها، فثبت أن المدح أعم من الحمد الوجه الثاني في الفرق: أن المدح قد يكون قبل الإحسان وقد يكون بعده، أما الحمد فإنه لا يكون إلا بعد الإحسان الوجه الثالث في الفرق: أن المدح قد يكون منهيا عنه، قال عليه الصلاة والسلام: " احثوا التراب في وجوه المداحين " أما الحمد فإنه مأمور به مطلقا، قال صلى الله عليه وسلم: " من لم
(٢١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 ... » »»