تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ٤٢٣
سورة النساء 35 المسوحي أنا الحارث بن عبد الله أنا أبو معشر عن سعيد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم \ خير النساء امرأة إن نظرت إليها سرتك وإن أمرتها أطاعتك وإذا غبت عنها حفظتك في مالها ونفسها \ ثم تلا (الرجال قوامون على النساء) الآية (واللاتي تخافون نشوزهن) عصيانهن وأصل النشوز التكبر والارتفاع ومنه النشز للموضع المرتفع (فعظوهن) بالتخويف من الله والوعظ بالقول (واهجروهن) يعني إن لم ينزعن عن ذلك بالقول فاهجروهن (في المضاجع) قال ابن عباس يوليها ظهره في الفراس ولا يكلمها وقال غيره يعتزل عنها إلى فراش آخر (واضربوهن) يعني إن لم ينزعن من الهجران فاضربوهن ضربا غير مبرح ولا شائن وقال عطاء ضربا بالسواك وقد جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال \ حق المرأة أن تطعمها إذا طعمت وتكسوها إذا اكتسيت ولا تضرب الوجه ولا تقبح ولا تهجر إلا في البيت \ (فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا) أي لا تجنوا عليهن الذنوب وقال ابن عيينة لا تكلفوهن محبتكم فإن القلب ليس بأيديهن (إن الله كان عليا كبيرا) متعاليا من أن يكلف العباد مالا يطيقونه وظاهر الآية يدل على أن الزوج يجمع عليها بين الوعظ والهجران والضرب فذهب بعضهم إلى ظاهرها وقال إذا ظهر النشوز جمع بين هذه الأفعال وحمل الخوف في قوله (واللاتي تخافون نشوزهن) على العلم كقوله تعالى (فمن خاف من موص جنفا) أي علم ومنهم من حمل الخوف على الخشية لا على حقيقة العلم كقوله تعالى (وأما تخافن من قوم خيانة) وقال هذه الأفعال على ترتيب الجرائم فإن خاف نشوزها بان ظهرت أمارته منها من المخاشنة وسوء الخلق وعظها فإن أبدت النشوز هجرها فإن أصرت على ذلك ضربها 35 قوله تعالى (وإن خفتم شقاق بينهما) يعني خلافا بين الزوجين والخوف بمعنى اليقين وقيل هو بمعنى الظن يعني إن ظننتم شقاق بينهما وجملته أنه إذا ظهر بين الزوجين شقاق واشتبه حالهما فلم يفعل الزوج الصفح ولا الفرقة ولا المرأة تأدية الحق ولا الفدية وخرجا إلى ما لا يحل قولا وفعلا بعث الإمام حكما من أهله إليه وحكما من أهلها إليها رجلين حرين عدلين ليستطلع كل واحد من الحكمين رأي من بعث إليه إن كانت رغبته في الصلح أو في الفرقة ثم يجتمع الحكمان فينفذان ما يجتمع عليه رأيهما من الصلاح فذلك قوله عز وجل (فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا) يعني الحكمين (يوفق الله بينهما) يعني بين الزوجين وقيل بين الحكمين (إن الله كان عليما
(٤٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 418 419 420 421 422 423 424 425 426 427 428 ... » »»