تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ٤٢١
سورة النساء 33 الأجر في الآخرة سواء وذلك أن الحسنة تكون بعشرة أمثالها يستوي فيها الرجال والنساء وإن فضل الرجال في الدنيا على النساء وقيل معناه للرجال نصيب مما اكتسبوا من أمر الجهاد وللنساء نصيب مما اكتسبن من طاعة الأزواج وحفظ الفروج قوله تعالى (واسألوا الله من فضله) قرأ ابن كثير والكسائي (وسلوا وسل وفسل) إذا كان قبل السين واو أو فاء بغير همز ونقل حركة الهمزة إلى السين والباقون بسكون السين مهموزا فنهى الله تعالى عن التمني لما فيه من دواعي الحسد والحسد أن يتمنى الرجل زوال النعمة عن صاحبه سواء تمناها لنفسه أم لا وهو حرام والغبطة أن يتمنى لنفسه مثل ما لصاحبه وهو جائز قال الكلبي لا يتمنى الرجل مال أجيه ولا امرأته ولا خادمه ولكن ليقل اللهم ارزقني مثله وهو كذلك في التوراة وذلك في القرآن وقوله (واسألوا الله من فضله) أي من رزقه قال سعيد بن جبير من عبادته فهو سؤال التوفيق للعبادة قال سفيان بن عيينة لم يأمر بالمسألة إلا ليعطي (إن الله كان بكل شيء عليما) 33 (ولكل جعلنا موالي) أي ولكل واحد من الرجال والنساء جعلنا موالي أي عصبة يعطون (مما ترك الوالدان والأقربون) الوالدان والأقربون هم المرثون وقيل معناه ولكل جعلنا موالي أي ورثة مما ترك أي من الذين تركوهم ويكون (ما) بمعنى من ثم فسر (الموالي) فقال الوالدان والأقربون أي هم الوالدان والأقربون فعلى هذا القول الوالدان والأقربون هم الوارثون (والذين عقدت أيمانكم) قرأ أهل الكوفة (عقدت) بلا ألف أي عقدت لهم أيمانكم وقرأ الآخرون (عاقدت أيمانكم) والمعاقدة المحالفة والمعاهدة والأيمان جمع يمين من اليد والقسم وذلك أنهم كانوا عند المخالفة يأخذ بعضهم بيد بعض على الوفاء والتمسك بالعهد ومحالفتهم أن الرجل كان في الجاهلية يعاقد الرجل فيقول دمي دمك وثأري ثأرك وحربي حربك وسلمي سلمك وترثني وأرثك وتطلب بي وأطلب بك وتعقل عني وأعقل عنك فيكون للحليف السدس من مال الحليف وكان ذلك في ابتداء الإسلام فذلك قوله تعالى (فآتوهم نصيبهم) أي أعطوهم حظهم من الميراث ثم نسخ ذلك بقوله تعالى (وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله) وقال إبراهيم ومجاهد أراد فآتوهم نصيبهم من النصر والرفد ولا ميراث لهم وعلى هذا تكون هذه الآية غير منسوخة لقوله تعالى (أوفوا بالعقود) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبة يوم فتح مكة \ لا تحدثون حلفا في الإسلام وما كان من حلف في الجاهلية فتمسكوا فيه فإنه لم يزده الإسلام إلا شدة \ وقال ابن عباس رضي الله عنهما أنزلت هذه
(٤٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 416 417 418 419 420 421 422 423 424 425 426 ... » »»