تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٤ - الصفحة ٥١
* (قال كلا إن معي ربي سيهيدين (62) فأوحينا إلى موسى أن أضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم (63) وأزلفنا ثم الآخرين (64) * * * إخواننا، ولعل إخواننا قد غرقوا، فضرب الله لهم كوى - جمع كوة - على الماء حتى نظر بعضهم إلى بعض، وجعلوا يتحدثون.
قوله تعالى: * (وأزلفنا ثم الآخرين) أزلفنا أي: قربنا، قال الشاعر:
(فكل يوم مضى أو ليلة سلفت * فيها النفوس إلى الآجال تزدلف) وقال آخر:
(طي الليالي زلفا فزلفا * سماوة الهلال حتى احقوقفا).
وقال أبو عبيدة: أزلفنا أي: جمعنا، ومنه ليلة المزدلفة أي: ليلة الجمع، وقرأ أبي بن كعب: ' وأزلفناهم الآخرين ' أي: أوقعناهم في موقع زلف، وفي القصة: أن جبريل كان بين بني إسرائيل وبين فرعون وقومه، وكان يسوق بني إسرائيل، فيقولون: ما رأينا سائقا أحسن سياقة من هذا الرجل، وكان يزرع قوم فرعون، فكانوا يقولون: ما رأينا وازعا أحسن زعة من هذا. وعن الحسن البصري قال: لابد للناس من وزعة أي: سلطان يكفهم حصان.
وقد بينا أن جبريل كان على فرس أنثى وديق وفرعون على حصان، فدخل جبريل عليه السلام البحر، وأتبعه فرعون لا يملك نفسه، فلما دخل جمعيهم البحر، وأراد أولهم أن يخرج، وكان بين طرفي البحر [أربعة] فراسخ، وهذا هو بحر القلزم، طرف من بحر فارس، فلما اجتمعوا في البحر جميعا، ودخل آخرهم، وأراد أولهم أن يخرج، أطبق البحر عليهم.
وعن سعيد بن جبير: أن البحر كان ساكنا قبل ذلك، فلما ضربه موسى بالعصا اضطرب، فجعل يمد ويجزر.
قوله تعالى: * (وأنجينا موسى ومن معه أجمعين ثم أغرقنا الآخرين) ظاهر المعنى،
(٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 ... » »»