تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٤ - الصفحة ٤٤٢
ويقول: أنا سليمان بن داود، فيكذبونه ويؤذونه ويزعمون أنه مجنون. حتى روى أنه استطعم مرة من قوم وزعم أنه سليمان بن داود، فقام رجل وشج رأسه بعصا في يده، ثم إنهم أعطوه كسرة يابسة، فحمل الكسرة إلى شط نهر ليبليها بالماء، وكان جائعا لم يصب طعاما منذ أيام، فذهب الماء بالكسرة.
ويقال: إنه كان على شط البحر، فجاءت موجة وحملت الكسرة، فدخل هو البحر في إثرها حتى خاف الغرق فرجع ورجعت الكسرة ثم إنه طمع فيها وذهب ليأخذها، فذهبت الكسرة، هكذا مرات؛ فبكى سليمان وتضرع إلى الله تعالى فرحمه الله تعالى ورد إليه ملكه.
وكان سبب رد ملكه إليه أنه مر على قوم صيادين؛ فسألهم شيئا ليأكله فأعطوه سمكة ميتة، فشق جوفها، فوجد خاتمة فيها، فجعله في إصبعه، وعاد إليه ملكه، وعكفت الطير في الوقت على رأسه، واجتمع إليه الإنس والجن والشياطين.
وأما مدة ذهاب ملكه كان [أربعين] يوما، وأما حديث صخر الجني فإنه لما أخذ الخاتم، وقد تحول في صورة سليمان، ذهب وقعد على كرسيه، وجعل ينفذ ما كان ينفذه سليمان إلا أن الله تعالى منعه نساء سليمان، هكذا روي عن الحسن.
وقد ذكر غيره أنه كان يصيب من نساء سليمان في الحيض، وذكر أنه يصيب في الحيض وغير الحيض، والله أعلم.
واختلف القول في أنه هل بقي معه الخاتم أولا؟ فأحد القولين: أنه ذهب وطرح الخاتم في البحر.
والقول الآخر: أنه كان معه، والقول الأشهر أولى وأعرف.
وذكر النقاش في تفسيره: أن بني إسرائيل أنكروا أمر صخر الجني؛ لأنه كان يقضي بغير الحق؛ فذهبوا إلى نساء سليمان، وقالوا لهن: تنكرون من أمر سليمان شيئا، فقلن: نعم؛ فحينئذ وقع في قلبهم أن سليمان قد ابتلي، وأن الله تعالى سلبه ملكه، وأن الشخص الذي على الكرسي شيطان.
(٤٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 437 438 439 440 441 442 443 444 445 446 447 ... » »»