تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٤ - الصفحة ٢١٧
* (رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم هل من شركائكم من يفعل من ذلكم من شيء سبحانه وتعالى عما يشركون (40) ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون (41) قل سيروا في الأرض فانظروا كيف) * * قوله تعالى: * (ظهر الفساد في البر والبحر) في الآية أقول: أحدها: ما روى عن ابن عباس أنه قال: الفساد في البر هو قتل أحد ابني آدم أخاه، والفساد في البحر هو غصب الملك السفينة، فكلاهما في القرآن.
وعن الضحاك قال: كانت الأرض خضرة زهرة نضرة مؤنقة، وكان لا يأتي ابن آدم شجرة إلا وجد عليها ثمرة، وكان ماء البحر عذبا، وكان لا يقصد الأسد البقر والغنم، ولا السنور الفأرة، وما أشبه ذلك، فلما قتل أحد بني آدم أخاه اقشعرت الأرض وشاكت الأشجار، وصار ماء البحر ملحا زعاقا، وقصد الحيوانات بعضها بعضا.
والقول الثاني في الآية أن المراد من الفساد في البر هو الجدوبة والقحط، والفساد في البحر قلة المطر، فإن قيل: وأي فساد بقلة المطر في البحر والبر؟ قلنا: أما في البر فظهور الشدة والقحط، وأما في البحر فقد قالوا: إنه إذا لم يأت المطر في البحر عميت دواب البحر، ويقال: إذا لم يأت المطر في البحر خلت أجواف الأصداف من اللؤلؤ، فإن الصدف إذا جاء المطر يرتفع إلى وجه البحر، ويفتح فاه، فما يقع فيه يصير لؤلؤا.
والقول الثالث في الآية - وهو الأظهر - أن البر هو البوادي والمفازة، والبحر هو القرى والأمصار، والعرب تسمى كل قرية أو مصر على ماء جار بحرا.
وقوله: * (بما كسبت أيدي الناس) أي: بما أذنبوا، وقد قال الله تعالى: * (ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء).
وقوله: * (ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون) أي: يرجعون إلى الله بالتوبة.
قوله تعالى: * (قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبل) أي: آخر أمر الذين كانوا من قبل.
(٢١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 211 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 ... » »»