تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٤ - الصفحة ٢٠٩
* (فأقم وجهك للدين حنيفا فطرت الله التي فطر الناس عليها لا تبديل) * * وقوله: * (وما لهم من ناصرين) أي: يمنعهم من عذابنا.
قوله تعالى: * (فأقم وجهك للدين حنيفا) أي: أخلص دينك لله، وإقامة الوجه هو إقامة الدين، وقد بينا معنى الحنيف.
وقوله: * (فطرة الله التي فطر الناس عليها) أما نصب الفطرة على الإغراء أي: الزم فطرة الله التي فطر الناس عليها، واختلفوا في هذه الفطرة، فمنهم من قال: إن الفطرة هاهنا بمعنى الدين.
وقوله: * (فطر الناس عليها) أي: خلق الناس عليها، ويقال هذا القول عن ابن عباس والكلبي ومقاتل وغيرهم. وقد ثبت عن النبي أنه قال: ' كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه '.
وثبت أيضا عن النبي أنه قال فيما يحكى عن ربه أنه قال: ' خلقت عبادي حنفاء فاجتالتهم الشياطين عن دينهم '.
فإن قيل: كيف يستقيم هذا على أصولكم، وعندكم أن الله تعالى خلق الناس صنفين: مؤمنين، وكافرين؟ هذه الآية والأخبار تدل على أن الله تعالى خلق عباده مؤمنين؛ وقد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن الله تعالى أخرج ذرية آدم من صلبه، وخاطبهم بقوله: * (ألست بربكم) فأقروا بالعبودية والإيمان، فالناس يولدون على ذلك، والجواب عنه: أن أهل العلم اختلفوا في هذا، فحكى النحاس في تفسيره عن ابن المبارك: أن الآية في المؤمنين خاصة، وحكى أبو (عبيد) في غريب الحديث عن محمد بن الحسن أنه قال: هذا قبل نزول الأحكام والأمر بالجهاد، كأنه أشار إلى أن الآية منسوخة، ثم ذكر النحاس أن كلا المعنيين ضعيف.
(٢٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 204 205 206 207 208 209 210 211 213 214 215 ... » »»