تفسير السمعاني - السمعاني - ج ٤ - الصفحة ١٦٥
بسم الله الرحمن الرحيم * (ألم (1) أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون (2) ولقد فتنا) * * تفسير سورة العنكبوت وهي مكية في قول عطاء والحسن، ومدنية في أحد قولي ابن عباس، وعنه في رواية أخرى أنها مكية، فبعضها نزل بالمدينة وبعضها نزل بمكة، وعن الشعبي أنها مكية إلا عشر آيات من أولها مدنية.
وعن علي أنه قال: نزلت بين مكة والمدينة. وهذه رواية غريبة.
قوله تعالى: * (ألم) قد بينا معناه.
وقوله: * (أحسب الناس) الحسبان والظن قريبان، وهو تغليب أحد النقيضين على الآخر، والشك وقف بين نقيضين، والعلم قطع بوجود أحدهما.
وقوله: * (أن يتركوا أن يقولوا آمنا) معناه: أظنوا أن يقنع منهم بأن يقولوا آمنا، وقوله: * (وهم لا يفتنون) أي: لا يبتلون. قال مجاهد: لا يبتلون في أموالهم وأنفسهم. ويقال معناه: لا يؤمرون ولا ينهون، وابتلاء الله عباده بالأمر والنهي.
وقال بعضهم: إن الله تعالى أمر الناس أولا بمجرد الإيمان، ثم إنه فرض عليهم الصلاة والزكاة وسائر الشرائع فشق عليهم، فأنزل الله تعالى هذه الآية، وعن الشعبي وغيره أنه قال: لما هاجر أصحاب رسول الله بقي قوم بمكة ممن آمنوا ولم يهاجروا؛ فكتب (إليهم) من هاجر أن الله الله تعالى لا يقبل أيمانكم حتى تهاجروا، فهاجروا، فتبعهم قوم من المشركين وآذوهم، (فقتل من) قتل، وتخلص، من تخلص فأنزل الله تعالى هذه الآية. وعن بعضهم: أن الآية نزلت في عياش بن أبي ربيعة، وكان قد هاجر إلى المدينة، فجاء أخواه لأمه أبو جهل والحارث ابنا هشام، وقالا له: إن أمنا قد عاهدت إن لم ترجع لا تأكل ولا تشرب، ولا يأويها سقف بيت؛ وإن محمدا يأمر بالبر، فارجع معنا فرجع معهما، فلما كان في بعض الطريق غدراه وأوثقاه وحملاه إلى
(١٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 ... » »»