تفسير السمعاني - السمعاني - ج ١ - الصفحة ٣٧
* (إياك نعبد وإياك نستعين (5)) * * والملكة، والله - تعالى - مالك، وملك.
وأما * (اليوم) اسم لزمان معلوم، والمراد بيوم الدين: يوم القيامة، ومعناه: يوم الحساب، ويوم الجزاء. وقد يكون الدين بمعنى الطاعة وبمعانشتي، ولكنه هاهنا على أحد المعنيين. فإن قال قائل: لم خص يوم الدين بالذكر، والله - تعالى - مالك الأيام كلها؟ يقال: إنما خصه لأن الأمر في القيامة يخلص له، كما قال: * (والأمر يومئذ لله). وأما في الدنيا للملوك أمر، وللمسلمين أمر، وللأنبياء أمر.
قوله: * (إياك نعبد وإياك نستعين)، قوله: * (إياك نعبد) بمعنى نحن نعبدك، والعبادة: هي الطاعة مع التذلل والخضوع، يقال: طريق معبد: أي مذلل، ومعناه: نعبدك خاضعين.
* (وإياك نستعين) أي: نطلب منك المعونة، فإن قيل: لم قدم ذكر العبادة على الاستعانة؛ تكون قبل العبادة؟ ولم ذكر قوله: إياك مرتين، وكان يكفى أن يقول: إياك نعبد ونستعين؛ فإنه أوجز وألخص؟ يقال: أما الأول فإنما يلزم من يجعل الاستطاعة قبل الفعل، ونحن بحمد الله نجعل الاستعانة والتوفيق مع الفعل، سواء قرنه به أم أخره جاز.
أو يقال: لأن الاستعانة نوع تعبد، فكأنه ذكر جملة العبادة، ثم ذكر ما هو من تفاصيلها.
وأما قوله: * (وإياك نستعين) إنما كرره لأنه لو اقتصر على قوله: إياك نعبد ونستعين؛ ليعلم أنه المعبود، وأنه المستعان، وعلى أن العرب قد تتكلم بمثل هذا، قد يدخل الكلام تجريدا أو تفخيما وتعظيما. ولا يعد ذلك عيبا، كما تقول العرب: ' هذا المالك بين زيد، وبين عمرو '، وإن كان يفيد قولهم: ' المال بين زيد، وعمرو '. ما يفيد الأول، ولا يعد ذلك عيبا في الكلام؛ بل عد تفخيما وتجزيلا في الكلام.
(٣٧)
مفاتيح البحث: يوم القيامة (3)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 ... » »»