تفسير السمعاني - السمعاني - ج ١ - الصفحة ٤٢
* (ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين (2)) * * (أقول له والرمح يأطر متنه * تأمل خفافا إنني أنا ذلكا) [أي]: أنني أنا هذا. وقيل: هذا مضمر فيه، ومعناه: هذا ذلك الكتاب الذي وعدتك يا محمد أن أنزله عليك على لسان الذين قبلك، و ' هذا ' للتقريب و ' ذلك ' للتبعيد.
فأما * (الكتاب) هو القرآن، والكتاب بمعنى المكتوب كما يقال: ' ضرب الأمير ' أي: مضروبه.
* (لا ريب فيه) أي: لا شك فيه. فإن قال قائل: كيف أخبر قال: ' لا ريب فيه ' وقد ارتاب فيه كثير من الناس، وخبر الله تعالى لا يكون بخلاف مخبره؟ يقال: معناه أنه الحق والصدق لا شك فيه.
وقيل: هو خبر بمعنى النهى، أي: لا ترتابوا فيه.
قوله تعالى: * (هدى للمتقين) والهدى بمعنى الرشد والبيان.
وأما المتقون مأخوذ من الاتقاء والتقوى. وأصله الحجز بين شيئين، ومنه يقال: اتقى بترسه، أي: جعله حاجزا بين نفسه وبين ما قصد به من المكروه. وفي الخبر ' كنا إذا احمر البأس اتقينا برسول الله '. أي: ' اشتدت الحرب ' جعلناه حاجزا بيننا وبين العدو.
فكأن المتقى يجعل امتثال أمر الله والاجتناب عن نهيه حاجزا بينه وبين العذاب فيتحرز بطاعة الله عن عقوبة الله.
فإن قال قائل: لم خص المتقين بالذكر وهو هدى لجميع المؤمنين؟ قيل: إنما خصهم بالذكر تشريفا، أو لأنهم هم المنتفعون بالهدى، حيث نزلوا منزل التقوى دون غيرهم،
(٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 ... » »»