تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٨ - الصفحة ٨٦
" * (عليهم) *) أي على أهل سبأ، وقال مجاهد: على الناس كلهم إلا من أطاع الله " * (فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين وما كان له عليهم من سلطان) *) إلا تسليطنا إياه عليهم " * (لنعلم) *): لنرى ونميز، ونعلمه موجودا ظاهرا كائنا موجبا للثواب والعقاب، كما علمناه قبل مفقودا معدوما بعد ابتلاء منا لخلقنا.
قال الحسن: والله ما ضربهم بسيف ولا عصا ولا سوط إلا أماني وغرورا دعاهم إليها.
" * (من يؤمن بالآخرة ممن هو منها في شك) *) الآية.
" * (قل) *) يا محمد لهؤلاء المشركين الذين أنت بين ظهرانيهم: " * (ادعوا الذين زعمتم) *) أنهم آلهة " * (من دون الله) *)، ثم وصفها فقال: " * (لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض) *) من خير وشر وضر ونفع، فكيف يكون إلها من كان كذلك؟ " * (وما لهم فيهما) *) أي في السماوات والأرض " * (من شرك) *) شركة " * (وما له) *) أي لله " * (منهم من ظهير) *): عون.
" * (ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له) *) تكذيبا منه لهم حيث قالوا: هؤلاء شفعاؤنا عند الله، وقرأ أبو عمرو والأعمش وحمزة والكسائي: (أذن) بضم الألف، واختلف فيها عن عاصم، وقرأ غيرهم: بالفتح.
" * (حتى إذا فزع) *) قرأ ابن عامر ويعقوب بفتح الفاء والزاي، (وقرأ) غيرهما: بضم الفاء وكسر الزاي، أي كشف الفزع، وأخرج " * (عن قلوبهم) *)، وأخبرني ابن فنجويه قال: أخبرني أبو علي بن حبيس المقرئ قال: حدثنا أبو عبيد القاضي قال: أخبرني الحسين بن محمد الصباغ عن عبد الوهاب عن موسى الأسواري عن الحسن أنه كان يقرؤها حتى (إذا فرع عن قلوبهم) بالراء والعين يعني: فرعت قلوبهم من الخوف.
واختلفوا في هذه الكناية والموصوفين بهذه الصفة؛ من هم؟ وما السبب الذي من أجله فزع عن قلوبهم؟
فقال قوم: هم الملائكة، ثم اختلفوا في سبب ذلك، فقال بعضهم: إنما يفزع عن قلوبهم غشية تصيبهم عند سماعهم كلام الله سبحانه.
أخبرنا عبد الله بن حامد عن إسماعيل بن محمد بن إسماعيل عن الحسن بن علي بن عفان قال: حدثنا ابن نمير عن الأعمش عن مسلم عن مسروق عن عبد الله قال: إذا تكلم الله عز وجل بالوحي سمع أهل السماء صلصلة كصلصلة السلسلة على الصفوان فيصعقون عند ذلك ويخرون سجدا، فإذا علموا أنه وحي فزع عن قلوبهم. قال: فيرد إليهم، فينادي أهل السماوات بعضهم بعضا: " * (ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير) *) فرفعه بعضهم.
(٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 ... » »»