تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٨ - الصفحة ٣٦٢
قال ابن عباس والحسين وقتادة: ذلك الكافر اتخذ دينه ما يهواه، فلا يهوى شيئا إلا ركبه، إنه لا يؤمن بالله ولا يخافه ولا يحرم ما حرم الله ولا يحل ما أحل الله، إنما دينه ما هويت نفسه يعمل به ولا يحجزه عن ذلك تقوى.
وقال آخرون: معناه أفرأيت من اتخذ معبوده هواه، فيعبد ما يهوى.
قال سعيد بن جبير: كانت قريش تعبد العزي وهو حجر أبيض حينا من الدهر، وكانت العرب تعبد الحجارة والذهب والفضة، فإذا وجدوا شيئا أحسن من الأول رموه أو كسروه أو ألقوه في بئر، وعبدوا الآخر، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وقال مقاتل: نزلت في الحارث بن قيس التميمي أحد المستهترين، وذلك إنه كان يعبد ما تهواه نفسه.
أخبرنا ابن فنجويه، حدثنا طلحة وعبيد الله، قالا: حدثنا ابن مجاهد، حدثني ابن أبي مهران، حدثنا محمد بن يحيى بن أبي عمر، قال: قال سفيان بن عيينة: إنما عبدوا الحجارة لإن البيت حجارة.
وقال الحسين بن الفضل: في هذه الآية تقديم وتأخير مجازها: أفرأيت من أتخذ هواه إلهه.
أخبرنا ابن فنجويه، حدثنا عبيد الله بن محمد بن شنبه، حدثنا محمد بن عمران بن هارون، حدثنا أبو عبيد الله المخزومي، حدثنا سفيان بن عيينة، عن ابن شبرمه، عن الشعبي، قال: إنما سمي الهوى لإنه يهوي بصاحبه في النار.
وبه عن سفيان، عن سليمان الأحول، عن طاووس، عن ابن عباس، قال: ما ذكر الله عز وجل هوى في القرآن إلا ذمه.
فروى أبو أمامة، عن النبي صلى الله عليه وسلم إنه، قال: (ما عبد تحت السماء إله أبغض إلى الله من هوى).
وقال صلى الله عليه وسلم (ثلاث مهلكات: شح مطاع، وهوى متبع، وإعجاب المرء بنفسه).
وروى ضمرة بن حبيب، عن شداد بن أوس إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والفاجر من اتبع نفسه هواها وتمنى على الله).
وقال مضر القاضي: لنحت الجبال بالأظافير حتى تتقطع الأوصال، أهون من مخالفة الهوى إذا تمكن في النفوس.
وسئل ابن المقفع عن الهوى، فقال: هوان سرقت نونه، فنظمه الشاعر:
نون الهوان من الهوى مسروقة فإذا هويت فقد لقيت هوانا وقال آخر:
(٣٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 357 358 359 360 361 362 363 364 365 366 367 » »»