تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٨ - الصفحة ٣٢٦
ينظر موسى إلى الله) فأنزل الله تعالى: * (وما كان لبشر أن يكلمه الله) * * (إلا وحيا) *) يوحي إليه كيف يشاء إما بالإلهام أو في المنام. " * (أو من وراء حجاب) *) بحيث يسمع كلامه ولا يراه كما كلم موسى (عليه السلام) * * (أو يرسل رسولا) *). إليه من ملائكة، إما جبريل وإما غيره. " * (فيوحي بإذنه ما يشاء) *).
قرأ شيبة ونافع وهشام (أو يرسل) برفع اللام على الابتداء (فيوحي) بإسكان الياء، وقرأ الباقون بنصب اللام والياء عطفا بهما على محل الوحي لأن معناه وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا أن يوحي أو يرسل.
" * (إنه علي حكيم وكذلك) *) أي وما أوحينا إلى سائر رسلنا كذلك. " * (أوحينا إليك روحا من أمرنا) *). قال الحسن: رحمة. ابن عباس: نبوة. السدي: وحيا. الكلبي: كتابا. ربيع: جبريل. ملك بن دينار: يعني القرآن، وكان يقول: يا أصحاب القرآن ماذا زرع القرآن في قلوبكم فإن القرآن ربيع القلوب كما الغيث ربيع الأرض.
" * (ما كنت تدري) *) قبل الوحي. " * (ما الكتاب ولا الإيمان) *) يعني شرائع الإيمان ومعالمه.
وقال أبو العالية: يعني الدعوة إلى الإيمان، وقال الحسين بن الفضل: يعني أهل الإيمان من يؤمن ومن لا يؤمن، وقال محمد بن إسحاق بن جرير: الإيمان في هذا الموضع الصلاة. دليله قوله تعالى: " * (وما كان الله ليضيع إيمانكم) *).
" * (ولكن جعلناه نورا) *) وحد الكتابة وهما اثنان: الإيمان والقرآن؛ لأن الفعل في كثرة أسمائه بمنزلة الفعل، ألا ترى إنك تقول إقبالك وإدبارك يعجبني فيوحدوه وهما اثنان.
وقال ابن عباس: (ولكن جعلناه) يعني الإيمان، وقال السدي: يعني القرآن.
" * (نهدي به من نشاء من عبادنا. وإنك لتهدي) *) لترشد وتدعوا. " * (إلى صراط مستقيم صراط الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض. ألا إلى الله تصير الأمور) *) أخبرنا عبد الله بن حامد الوزان، حدثنا أحمد بن محمد بن شاذان، حدثنا الحسين بن محمد، حدثنا صالح بن محمد، قال: سمعت أبا معشر يحدث، عن سهل بن أبي الجعداء وغيره. قال: احترق مصحف فلم يبق إلا قوله سبحانه وتعالى: " * (ألا إلى الله تصير الأمور) *) وغرق مصحف فإمتحى كل شيء فيه إلا قوله: " * (ألا إلى الله تصير الأمور) *)) .
(٣٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 321 322 323 324 325 326 327 328 329 330 331 ... » »»