تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٨ - الصفحة ١٧
ما بينها وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس بيننا وبينهم أحد يدفع عنا، ورسول الله والمسلمون في (نحور) عدوهم لا يستطيعون أن ينصرفوا إلينا عنهم إذا أتانا آت. قالت: فقلت: يا حسان إن هذا اليهودي كما ترى يطيف بالحصن وإني والله ما آمنه أن يدل على عورتنا من ورائنا من اليهود، وقد شغل عنا رسول الله صلى الله عليه وأصحابه فانزل إليه فاقتله.
فقال: يغفر الله لك يا بنت عبد المطلب، والله لقد عرفت ما أنا بصاحب هذا. قالت: فلما قال ذلك لي ولم أر عنده شيئا احتجزت ثم أخذت عمودا ثم نزلت من الحصن إليه فضربته بالعمود حتى قتلته فلما فرغت منه، رجعت إلى الحصن فقلت: يا حسان انزل إليه فاسلبه فإنه لم يمنعني من سلبه إلا أنه رجل، قال: ما لي بسلبه من حاجة يا بنت عبد المطلب.
قالوا: وأقام رسول الله صلى الله عليه وأصحابه في ما وصف الله عز وجل من الخوف والشدة لتظاهر عدوهم عليهم وإتيانهم من فوقهم ومن أسفل منهم، ثم إن نعيم بن مسعود بن عامر بن (أنيف) بن ثعلبة بن قنفذ بن هلال بن حلاوة بن أشجع بن زيد بن غطفان أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني قد أسلمت وإن قومي لم يعلموا بإسلامي فمرني بما شئت، فقال له رسول الله صلى الله عليه: إنما أنت فينا رجل واحد، فخذل عنا إن استطعت فإن الحرب خدعة.
فخرج نعيم بن مسعود حتى أتى بني قريظة، وكان لهم نديما في الجاهلية، فقال لهم: يا بني قريظة، قد عرفتم ودي إياكم وخاصة ما بيني وبينكم، قالوا: صدقت لست عندنا بمتهم، فقال لهم: إن قريشا وغطفان جاءوا لحرب محمد، وقد ظاهرتموهم عليه، وإن قريشا وغطفان ليسوا (كهيئتكم)، البلد بلدكم به أموالكم وأبناؤكم ونساؤكم لا تقدرون على أن تحولوا عنه إلى غيره، وإن قريشا وغطفان أموالهم وأبناؤهم ونساؤهم بغيره، وإن رأوا نهزة وغنيمة أصابوها، وإن كان غير ذلك لحقوا ببلادهم وخلوا بينكم وبين الرجل، والرجل ببلدكم لا طاقة لكم به إن خلا بكم، فلا تقاتلوا القوم حتى تأخذوا رهنا من أشرافهم يكونون بأيديكم ثقة لكم على أن يقاتلوا معكم محمدا حتى تناجزوه، فقالوا: لقد أشرت برأي ونصح. ثم خرج حتى أتى قريشا فقال لأبي سفيان بن حرب ومن معه من رجال قريش: يا معشر قريش قد عرفتم ودي إياكم وفراقي محمدا، وقد بلغني أمر رأيت أن حقا علي أن أبلغكموه نصحا لكم فاكتموا علي. قالوا: نفعل.
قال: تعلمون أن معشر اليهود قد ندموا على ما صنعوا في ما بينهم وبين محمد، وقد أرسلوا إليه، أن قد ندمنا على ما فعلنا، فهل يرضيك عنا أن نأخذ من القبيلتين من قريش وغطفان رجالا من أشرافهم (فنعطيكم) فتضرب أعناقهم، ثم نكون معك على من بقي منهم؟
فأرسل إليهم أن نعم، فإن بعث إليكم اليهود يلتمسون منكم رهنا من رجالكم فلا تدفعوا
(١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 ... » »»