تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٦ - الصفحة ٣١٢
من يساجلني يساجل ماجدا يملأ الدلو إلى عقد الكرب ثم بنى هذا الاسم على فعل مثل طمر وقلز. والطي في هذه الآية يحتمل معنيين:
أحدهما: الدرج الذي هو ضد النشر قال الله سبحانه " * (والسماوات مطويات بيمينه) *).
والثاني: الإخفاء والتعمية والمحو والطمس لأن الله سبحانه يمحو رسومها ويكدر نجومها، قال الله سبحانه وتعالى " * (إذا الشمس كورت وإذا النجوم انكدرت) *) تقول العرب: اطو عن فلان هذا الحديث أي استره وأخفه.
ثم ابتدأ واستأنف الكلام فقال عز من قائل " * (كما بدأنا أول خلق نعيده) *) قال أكثر العلماء: كما بدأناهم في بطون أمهاتهم حفاة عزلا كذلك نعيدهم يوم القيامة، نظيرها قوله سبحانه " * (ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة) *) وقوله " * (وعرضوا على ربك صفا لقد جئتمونا كما خلقناكم أول مرة) *).
ودليل هذا التأويل ما روى ليث عن مجاهد عن عائشة خ قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم عندي عجوز من بني عامر فقال: من هذه العجوز يا عائشة؟ فقلت: إحدى خالاتي، فقالت: ادع الله أن يدخلني الجنة فقال: إن الجنة لا يدخلها العجز، فأخذ العجوز ما أخذها.
فقال (عليه السلام): إن الله ينشئهن خلقا غير خلقهن، قال الله تعالى " * (إنا أنشأناهن انشاء) *) الآية ثم قال: يحشرون يوم القيامة عراة حفاة غلفا، فأول من يكسى إبراهيم صلوات الله عليه).
فقالت عائشة خ وعن أبيها: وا سوأتاه فلا تحتشم الناس بعضهم بعضا؟
قال: " * (لكل امرئ منهم يومئذ شان يغنيه) *)، ثم قرأ رسول الله " * (كما بدأنا اول خلق نعيده) *) كيوم ولدته أمه.
(٣١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 305 306 307 308 309 310 311 312 313 314 315 » »»