تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٦ - الصفحة ١٤٠
" * (فأغرقناه ومن معه جميعا) *) ونجينا موسى وقومه " * (وقلنا) *) * * (لهم من بعده) *) أي من بعد هلاك فرعون وقومه " * (لبني إسرائيل اسكنوا الأرض) *) يعني مصر والشام " * (فإذا جاء وعد الآخرة) *) وهي الساعة " * (جئنا بكم) *) من قبوركم إلى موقف القيامة " * (لفيفا) *) مختلطين وقد التف بعضكم ببعض لا تتعارفون ولا ينحاز (أحدكم) إلى قبيلته وحيه، وهو من قول الجيوش إذا اختلطوا، وكل شيء اختلط بشيء تعطف به والتف.
وقال مجاهد والضحاك: (لفيفا) أي جميعا، ووحد اللفيف وهو خبر عن الجمع لأنه بمعنى المصدر كقول القائل: لففته لفا ولفيفا.
وقال الكلبي " * (فإذا جاء وعد الآخرة) *) يعني مجيء عيسى ابن مريم من السماء جئنا بكم لفيفا وقال البزار: من ههنا وههنا، يقول: جميعا.
وهذه القصة تعزية لنبينا صلى الله عليه وسلم وتقوية لقلبه، يقول الله تعالى: " * (كما أنزلت عليك القرآن) *) فكذبك كفار قومك من مكة كذلك آتيت موسى التوراة فكذبه فرعون وقومه، وكما أراد أهل مكة أن يستفزوك منها، كذلك أراد فرعون أن يستفز موسى وبني إسرائيل من مصر، فأنجيناهم منهم وأظفرتهم عليهم، وكذلك أظفرتك على أعدائك، وأتم نعمتي عليك وعلى من اتبعك نصرة للدين ولو كره الكافرون، فأنجز الله وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده وله الحمد والمنة.
" * (وبالحق أنزلناه وبالحق نزل) *) يعني القرآن " * (وما أرسلناك) *) يا محمد " * (إلا مبشرا ونذيرا وقرآنا فرقناه) *) أي وأنزلناه قرآنا ففصلناه.
قرأ ابن عباس: فرقناه بالتشديد وقال: لأنه لم ينزل مرة واحدة وانما أنزل (نجوما) في عشرين سنة، وتصديقه قراءة أبي بن كعب وقرآنا فرقناه عليك، وقرأ الباقون بالتخفيف كقوله " * (فيها يفرق كل أمر حكيم) *).
قال ابن عباس فصلناه، قال الحسن: فرق الله به بين الحق والباطل، وقرأ الآخرون: بيناه.
" * (لتقرأه على الناس على مكث) *) أي تؤدة ومهل في ثلاث وعشرين سنة " * (ونزلناه تنزيلا قل آمنوا به أولا تؤمنوا) *) أمر وعد وتهديد " * (إن الذين أوتوا العلم من قبل) *) أي من قبل نزول القرآن وخروج محمد صلى الله عليه وسلم وهم مؤمنو أهل الكتاب " * (إذا تتلى عليهم) *) يعني القرآن " * (يخرون) *) يسقطون " * (للأذقان) *) على الأذقان وهي جمع الذقن وهو مجتمع اللحيين، قال ابن عباس أراد الوجوه " * (سجدا ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا) *) قال مجاهد: هم ناس من أهل الكتاب حين سمعوا ما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم " * (خروا سجدا وقالوا سبحان ربنا) *) ان كان أي وقد كان وعد ربنا لمفعولا " * (ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم) *) نزول القرآن " * (خشوعا) *) وخضوعا وتواضعا لربهم
(١٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 ... » »»