تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٤ - الصفحة ٣٧١
خشية أن يقتلوا، وصورة الآية خبر ومعناه أمر.
وكان هذا يوم بدر قرن على الرجل من المؤمنين قتال عشرة من الكافرين، فثقلت على المؤمنين وضجوا فخفف الله الكريم عنهم وأنزل " * (الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا) *) أي في الواحد عن قتال عشرة والمائة عن قتال الألف، وقرأ أبو جعفر ضعفا بفتح الضاد، وقرأ بعضهم: ضعفاء بالمد على جمع ضعيف مثل شركاء.
" * (فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين من الكفار وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين بإذن الله والله مع الصابرين) *) (أي عشرين من عشرة بمنزلة اثنين من واحد فكسر أول عشرين كما كسر اثنان)، وإذا كانوا على الشطر من عدوهم لم ينبغ (لهم أن يفروا منهم، وإن كانوا دون ذلك لم يجب عليهم) القتال وجاز لهم أن (يتحوزوا) عنهم.
" * (ما كان لنبي أن يكون له أسرى) *) روى الأعمش عن عمرو بن مرة عن أبي عبيدة عن عبد الله بن مسعود قال: لما كان يوم بدر جيء بالأسرى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تقولون في هؤلاء؟ فقال أبو بكر: يا رسول الله قومك وأهلك، استبقهم فاستعن بهم، لعل الله أن يتوب عليهم، وخذ منهم فدية (تكن) لنا قوة على الكفار.
وقال عمر: يا رسول الله كذبوك وأخرجوك فاضرب أعناقهم، ومكن عليا من عقيل يضرب عنقه، ومكني من فلان نسيب لعمر أضرب عنقه فإن هؤلاء أئمة الكفر، وقال عبد الله بن رواحة: يا رسول الله انظر واديا كثير الحطب فأدخلهم فيه، ثم أضرمه عليهم نارا، فقال العباس، قطعتك رحمك، فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يجبهم. ثم دخل فقال أناس: يأخذ بقول أبو بكر، وقال ناس: يأخذ بقول عمر، وقال ناس: يأخذ بقول ابن رواحة.
ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن الله يلين قلوب رجال حتى تكون ألين من اللين، وأن الله يشدد قلوب رجال حتى تكون أشد من الحجارة، وإن مثلك يا أبا بكر مثل إبراهيم، قال: فمن تبعني فإنه مني، ومن عصاني فإنك غفور رحيم، ومثلك يا أبا بكر مثل عيسى. قال: إن تعذبهم فإنهم عبادك، وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم، ومثلك يا عمر مثل نوح قال رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا، ومثلك كمثل موسى قال " * (ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم) *) الآية.
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنتم اليوم عالة فلا يفلتن أحد منكم إلا بفداء أو ضرب عنق، قال
(٣٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 365 366 367 368 369 370 371 372 373 374 375 » »»