تفسير الثعلبي - الثعلبي - ج ٤ - الصفحة ٣٦٦
إبراهيم البوشنجي يقول أفخر بيت قيل في الإسلام قوله بغيض الأنصاري يوم بدر:
وببئر بدر إذ نرد وجوههم جبريل تحت لوائنا ومحمد وقال قتادة وابن إسحاق. قال إبليس: إني أرى مالا ترون وصدق الله في عدوه، وقال: إني أخاف الله، وكذب عدو الله، والله ما به مخافة الله ولكن علم أنه لا قوة له ولامنعة فأيدهم وأسلمهم، وذلك عادة عدو الله لمن أطاعه، حتى إذا التقى الحق والباطل أسلمهم وتبرأ منهم.
قال عطاء إني أخاف الله أن يهلكني فيمن هلك، وقال الكلبي: خاف أن يأخذه جبرئيل ويعرفهم حاله فلا يطيعوه من بعد، وقال معناه: إني أخاف الله، أي أعلم صدق وعده لأوليائه لأنه على ثقة من أمره.
قال الأستاذ الإمام أبو إسحاق، رأيت في بعض التفاسير: إني أخاف الله عليكم والله شديد العقاب. قال بعضهم هذا حكاية عن إبليس، وقال أخرون: انقطع الكلام عند قوله: إني أخاف الله قال الله " * (والله شديد العقاب) *).
إبراهيم بن أبي عبلة عن طلحة بن عبيد الله بن كريز أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ما رؤي الشيطان يوما هو فيه أصغر ولا أدجر ولا أحقر ولا أغيظ منه في يوم عرفة، وما ذاك إلا لما رأى من تنزل الرحمة وتجاوز الله عن الذنوب العظام إلا ما رأى يوم بدر)، وذلك أنه رأى جبرائيل وهو يزع الملائكة.
" * (إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض) *) شك ونفاق " * (غر هؤلاء دينهم) *) يعني المؤمنين هؤلاء قوم بمكة مستضعفين حبسهم آباؤهم وأقرباؤهم من الهجرة، فلما خرجت قريش إلى بدر أخرجوهم كرها، فلما نظروا إلى حلة المسلمين ارتابوا وارتدوا وقالوا: غر هؤلاء دينهم فقتلوا جميعا منهم: قيس بن الوليد بن المغيرة، وأبو قيس بن الفاكه بن المغيرة المخزوميان والحرث بن زمعة بن الأسود بن عبد المطلب، وعلي بن أمية بن خلف، والعاص بن منبه بن الحجاج والوليد بن عتبة وعمرو بن بن أمية، فلما قتلوا مع المشركين ضربت الملائكة وجوههم وأدبارهم فذلك قوله تعالى: " * (ولو ترى) *) تعاين يا محمد " * (إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة) *) أي يقبضون أرواحهم ببدر " * (يضربون) *) حال أي ضاربين " * (وجوههم وأدبارهم) *) قال سعيد بن جبير، ومجاهد: يريد أستاههم ولكن الله تعالى كريم (يكني).
وقال مرة الهمذاني وابن جريج: وجوههم ما أقبل عنهم، وأدبارهم ما أدبر عنهم
(٣٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 361 362 363 364 365 366 367 368 369 370 371 ... » »»