تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل بن سليمان - ج ٣ - الصفحة ٤٣
* (وأنزل الذين ظهروهم من أهل الكتب من صياصيهم) * يعني أعانوهم، تعني اليهود أعانوا المشركين على قتال النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين وذلك أن الله عز وجل حين هزم المشركين عن الخندق بالريح والملائكة أتى جبريل عليه السلام على فرس، فقال صلى الله عليه وسلم يا جبريل، ما هذا الغبار على وجه الفرس، فقال: هذا الغبار من الريح التي أرسلها الله على أبي سفيان ومن معه فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يمسح الغبار عن وجه الفرس وعن سرجه، فقال له جبريل عليه السلام: سر إلى بني قريظة فإن الله عز وجل داقهم لك دق البيض على الصفا.
فسار النبي صلى الله عليه وسلم إلى يهود بني قريظة فحاصرهم إحدى وعشرين ليلة ثم نزلوا على حكم سعد بن معاذ الأنصاري فحكم عليهم سعد أن تقتل مقاتلتهم وتسبى ذراريهم فكبر النبي صلى الله عليه وسلم وقال:
لقد حكم الله عز وجل ولقد رضي الله على عرشه بحكم سعد، وذلك أن جبريل كان قال للنبي صلى الله عليه وسلم: سر إلى بني قريظة فاتقل مقاتلتهم واسب ذراريهم فإن الله عز وجل قد أذن لك فهم لك طعمة، فذلك قوله عز وجل: * (وأنزل الذين ظهروهم) * يعني اليهود أعانوا أبا سفيان * (من أهل الكتب) * يعني فريظة * (من صياصيهم) * يعني من حصونهم * (وقذف في قلوبهم الرعب فريقا) * يعني طائفة * (تقتلون) * فقتل منهم أربعمائة وخمسين رجلا * (وتأسرون فريقا) * [آية: 26] يعني وتسبون طائفة سبعمائة وخمسين * (وأورثكم أرضهم وديرهم وأموالهم وأرضا لم تطئوها) * يعني خيبر * (وكان الله على كل شيء) * من القرى وغيرها * (قديرا) * [آية: 27] أن يفتحها على المسلمين.
فقال عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، ألا تخمس كما خمست يوم بدر، قال: هذا جعله الله لي دون المؤمنين، فقال عمر، رضي الله عنه: رضينا وسلمنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقسم النبي صلى الله عليه وسلم في أهله منها عشرين رأسا ثم جعل النبي صلى الله عليه وسلم بقيته نصفين فبعث النصف مع سعد بن عبادة الأنصاري إلى الشام وبعث بالنصف الباقي مع أوس بن قيظى من الأنصار إلى غطفان وأمرهما أن يبتاعا الخيل فجلبا خيلا عظيمة فقسمها النبي صلى الله عليه وسلم في المسلمين وتوفى سع بن معاذ، رضي الله عنه، من رمية أصابت أكحلة يوم الخندق فانتقضت جراحته فنزفت الدم فمات رحمه الله وقد أعتقه النبي صلى الله عليه وسلم فاتبع النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمون جنازته فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
لقد اهتز العرش لموت سعد بن معاذ '، رضي الله عنه.
(٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 ... » »»