تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل بن سليمان - ج ٢ - الصفحة ٤٩٠
أرضعته ثلاثة أشهر، وكان خوفها أنه كان يبكي من قلة اللبن، فيسمع الجيران بكاء الصبي، فقال: * (فإذا خفت عليه فألقيه في اليم) * يعنى في البحر، وهو بحر النيل، فقالت: رب، إني قد علمت أنك قادر على ما تشاء، ولكن كيف لي أن ينجو صبي صغير من عمق البحر، وبطون الحيتان، فأوحى الله عز وجل إليها أن تجعله في التابوت، ثم تقذفه في اليم، فإني أوكل به ملك يحفظه في اليم، فصنع لها التابوت حزقيل القبطي، ووضعت موسى في التابوت، ثم ألقته في البحر يقول الله عز وجل: * (ولا تخافي) * عليه، الضيعة * (ولا تحزني) * عليه القتل * (إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين) * [آية: 7] إلى مصر فصدقت، بذلك ففعل الله عز وجل ذلك به، وبارك الله تعالى على موسى، عليه السلام، وهو في بطن أمه ثلاث مائة وستين بركة.
* (فالتقطه آل فرعون) * من البحر من بين الماء والشجر، وهو في التابوت، فمن ثم سمي موسى، بلغة القبط الماء: مو، والشجر: سى، فسموه موسى، ثم قال تعالى * (ليكون لهم عدوا) * في الهلاك * (وحزنا) * يعنى وغيظا في قتل الأبكار، فذلك قوله عز وجل: * (وإنهم لنا لغائظون) * [الشعر: 55] لقتلهم أبكارنا، ثم قال سبحانه:
* (إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين) * [آية: 8].
* (وقالت امرأت فرعون) * واسمها آسية بنت مزاحم، عليها السلام: * (قرت عين لي ولك لا تقتلوه) * فإنا آتينا به من أرض أخرى، وليس من بني إسرائيل، * (عسى أن ينفعنا) * فنصيب منه خيرا * (أو نتخذه ولدا) * يقول الله عز وجل: * (وهم لا يشعرون) * [آية: 9] أن هلاكهم في سببه.
* (وأصبح فؤاد أم موسى فارغا إن كادت لتبدي به) * وذلك أنها رأت التابوت يرفعه موج ويضعه آخر، فخشيت عليه الغرق، فكادت تصيح شفقة عليه، فذلك قوله عز وجل: * (إن كادت لتبدي به) * يقول: إن همت لتشعر أهل مصر بموسى، عليه السلام، أنه ولدها * (لولا أن ربطنا على قلبها) * بالإيمان * (لتكون من المؤمنين) * [آية: 10] يعنى من المصدقين بتوحيد الله عز وجل، حين قال لها: * (إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين) *.
* (وقالت) * أم موسى * (لأخته) * يعنى أخت موسى لأبيه وأمه، واسمها مريم:
* (قصيه) * يعنى قصى أثره في البحر، وهو في التابوت يجري في الماء، حتى تعلمي
(٤٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 485 486 487 488 489 490 491 492 493 494 495 ... » »»