تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل بن سليمان - ج ٢ - الصفحة ٣٨
ساروا إلى قتالكم ببدر، * (أتخشونهم) * فلا تقاتلونهم، * (فالله أحق أن تخشوه) * في ترك أمره، * (إن كنتم مؤمنين) * [آية: 13] به، يعنى إن كنتم مصدقين بتوحيد الله عز وجل.
ثم وعدهم النصر، فقال: * (قتلوهم يعذبهم الله بأيديكم) * بالقتل، * (ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين) * [آية: 14]، وذلك أن بنى كعب قاتلوا خزاعة، فهزموهم وقتلوا منهم، وخزاعة صلح النبي صلى الله عليه وسلم، وأعانوهم كفار مكة بالسلاح على خزاعة، فاستحل النبي صلى الله عليه وسلم قتال كفار مكة بذلك، وقد ركب عمرو بن عبد مناة الخزاعي إلى النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة مستيعنا به، فقال له:
* اللهم إني ناشد محمدا * حلف أبينا وأبيه الأتلدا * * كان لنا أبا وكنا ولدا * نحن ولدناكم فكنتم ولدا * * ثمت أسلمنا ولم ننزع يدا * فانصر رسول الله نصرا أيدا * * وادع عباد الله يأتوا مددا * فيهم رسول الله قد تجردا * * في قليق كالبحر يجرى مزيدا * إن قريشا أخلفوك الموعدا * * ونقضوا ميثاقك المؤكد * ونصبوا لي في الطريق مرصدا * * وبيتونا بالوتين هجدا * وقتلونا ركعا وسجدا * * وزعموا أن لست أدعو أحدا * وهم أذل وأقل عددا * قال: فدمعت عينا النبي صلى الله عليه وسلم ونظر إلى سحابة قد بعثها الله عز وجل، فقال: ' والذي نفسي بيده، إن هذه السحابة لتستهل بنصر خزاعة على بني ليث بن بكر '، ثم خرج النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة، فعسكر وكتب حاطب إلى أهل مكة بالعسكر، وسار النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكة فافتتحها، وقال لأصحابه: ' كفوا السلاح، إلا عن بني بكر إلى صلاة العصر '، وقال لخزاعة أيضا: ' كفوا، إلا عن بني بكر '، فأنزل الله تعالى: * (ويشف صدور قوم مؤمنين) *، يعنى قلوب قوم مؤمنين، يعنى خزاعة، * (ويذهب غيظ قلوبهم) *، وشفى الله قلوب خزاعة من بني ليث بن بكر، وأذهب غيظ قلوبهم، ثم قال: * (ويتوب الله على من يشاء) *، فيهديهم لدينه، * (والله عليم) * بخلقه * (حكيم) * [آية: 15] في أمره.
(٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 ... » »»