تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل بن سليمان - ج ٢ - الصفحة ٢٥١
وجل استنقذهم على يدي المقياس، فردهم إلى بيت المقدس فعمروه، ورد الله عز وجل إليهم ألفتهم، وبعث فيهم أنبياء، ثم قال لهم: * (وإن عدتم عدنا) *، يقول: وإن عدتم إلى المعاصي عدنا عليكم بأشد مما أصابكم، يعنى من القتل والسبي، فعادوا إلى الكفر، وقتلوا يحيى بن زكريا، فسلط الله عليهم ططس بن استاتوس الرومي، ويقال: اصطفابوس، فقتل على دم يحيى بن زكريا مائة ألف وثمانين ألفا من اليهود، فهم الذين قتلوا الرقيب على عيسى الذي كان شبه لهم، وسبي ذراريهم، وأخرق التوراة، وخرب بيت المقدس، وألقى فيه الجيف، وذبح فيه الجنازير، فلم يزل خرابا حتى جاء الإسلام، فعمره المسلمون، * (وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا) * [آية: 8]، يعنى محسبا لا يخرجون منها أبدا، كقوله عز وجل: * (للفقراء الذين أحصروا) * [البقرة: 273]، يعنى حبسوا في سبيل الله.
تفسير سورة الإسراء: [9 - 12].
* (إن هذا القرآن يهدي) *، يعنى يدعو، * (للتي هي أقوم) *، يعنى أصوب، * (ويبشر) * القرآن، * (المؤمنين) *، يعنى المصدقين، * (الذين يعملون الصالحات) * من الأعمال بما فيه من الثواب، فذلك قوله سبحانه: * (أن لهم أجرا كبيرا) * [آية: 9]، يعنى جزاء عظيما في الآخرة.
* (وأن الذين لا يؤمنون بالآخرة) *، يعنى بالبعث الذي فيه جزاء الأعمال، * (اعتدنا لهم عذابا أليما) * [آية: 10]، يعنى عذابا وجيعا.
* (ويدع الإنسان بالشر) * على نفسه، يعنى النضر بن الحارث، حين قال: * (ائتنا بعذاب أليم) * [الأنفال: 32]، * (دعاءه بالخير) *، كدعائه بالخير لنفسه، * (وكان الإنسان عجولا) * [آية: 11]، يعنى آدم، عليه السلام، حين نفخ فيه الروح من قبل رأسه، فلما بلغت الروح وسطه عجل، فأراد أن يجلس قبل أن تتم الروح وتبلغ إلى قدميه، فقال الله عز وجل: * (وكان الإنسان عجولا) *، وكذلك النضر يستعجل بالدعاء على نفسه كعجلة آدم عليه السلام، في خلق نفسه، إذا أراد أن يجلس قبل أن يتم دخول الروح فيه، فتبلغ
(٢٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 246 247 248 249 250 251 252 253 254 255 256 ... » »»