تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل بن سليمان - ج ١ - الصفحة ٨٥
* (قد نرى تقلب وجهك في السماء) *، يعني نرى أنك تديم نظرك إلى السماء، * (فلنولينك) *، يعني لنحولنك إلى * (قبلة ترضاها) *؛ لأن الكعبة كانت أحب إلى النبي صلى الله عليه وسلم من بيت المقدس، * (فول) *، يعني فحول * (وجهك شطر) *، يعني تلقاء * (المسجد الحرام وحيث ما كنتم) * من الأرض * (فولوا وجوهكم شطره) *، يعني فحولوا وجوهكم في الصلاة تلقاءه، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في مسجد بني سلمة، فصلى ركعة، ثم حولت القبلة إلى الكعبة، وفرض الله صيام رمضان، وتحويل القبلة، والصلاة إلى الكعبة قبل بدر بشهرين، وحرم الخمر قبل الخندق.
* (وإن الذين أوتوا الكتاب) *، يعني أهل التوراة، وهم اليهود، منهم الحميس بن عمرو، قال: يا محمد، ما أمرت بهذا الأمر، وما هذا إلا شيء ابتدعته، يعني في أمر القبلة، فأنزل الله عز وجل: * (وإن الذين أوتوا الكتاب) *، يعني أهل التوراة، * (ليعلمون أنه الحق من ربهم) *، بأن القبلة هي الكعبة، فأوعدهم الله، فقال: * (وما الله بغافل عما يعملون) * [آية: 144]، يعني عما يعملون من كفرهم بالقبلة، * (ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب) *، يعني اليهود، ينحوم بن سكين، ورافع بن سكين، ورافع ابن حريملة، ومن النصارى أهل نجران السيد والعاقب، فقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: ائتنا بآية نعرفها كما كانت الأنبياء تأتي بها، فأنزل الله عز وجل: * (ولئن أتيت) *، يقول: ولئن جئت يا محمد * (الذين أوتوا الكتاب) * * (بكل آية ما تبعوا قبلتك)، يعني الكعبة، * (وما أنت بتابع قبلتهم) *، يعني بيت المقدس، ثم قال: * (وما بعضهم بتابع قبلة بعض) *، يقول: إن اليهود يصلون قبل المغرب لبيت المقدس، والنصارى قبل المشرق، فأنزل الله عز وجل يحذر نبيه صلى الله عليه وسلم ويخوفه: * (ولئن اتبعت أهواءهم)، فصليت إلى قبلتهم * (من بعد ما جاءك من العلم)، يعني البيان، * (إنك إذا لمن الظالمين) [آية: 145].
* (الذين ءاتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم) *، يعني اليهود منهم: أبو ياسر بن أخطب، وكعب بن الأشرف، وكعب بن أسيد، وسلام بن صوريا، وكنانة بن أبي الحقيق، ووهب بن يهوذا، وأبو نافع، فقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: لم تطوفون بالكعبة، وإنما هي حجارة مبنية، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ' إنكم لتعلمون أن الطواف بالبيت حق، فإنه هو القبلة مكتوب في التوراة والإنجيل، ولكنكم تكتمون ما في كتاب الله من الحق وتجحدونه، فقال ابن صوريا: ما كتمنا شيئا مما في كتابنا، فأنزل الله عز وجل: * (الذين ءاتيناهم الكتاب) *، يقول: أعطيناهم التوراة، * (يعرفونه) *، أي يعرفون البيت الحرام أنه القبلة،
(٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 ... » »»