تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل بن سليمان - ج ١ - الصفحة ٨٣
لجبريل، عليه السلام: ' وددت أن ربي صرفني عن قبلة اليهود إلى غيرها '، فقال جبريل، عليه السلام: إنما أنا عبد مثلك لا أملك شيئا، فاسأل ربك ذلك، وصعد جبريل إلى السماء، وجعل النبي صلى الله عليه وسلم يديم النظر إلى السماء رجاء أن يأتيه جبريل، عليه السلام، بما سأل.
فأنزل الله عز وجل في رجب عند صلاة الأولى قبل قتال بدر بشهرين: * (قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره)، ولما صرفت القبلة إلى الكعبة، قال مشركو مكة: قد تردد على أمره واشتاق إلى مولد آبائه، وقد توجه إليكم وهو راجع إلى دينكم، فكان قولهم هذا سفها منهم، فأنزل الله عز وجل: * (سيقول السفهاء من الناس) *، يعني مشركي مكة، * (ما ولاهم)، يقول: ما صرفهم * (عن قبلتهم) * الأولى * (التي كانوا عليها قل) يا محمد * (لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم) [آية:
142]، يعني دين الإسلام، يهدي الله نبيه والمؤمنين لدينه.
* (وكذلك جعلناكم أمة وسطا) *، وذلك أن اليهود منهم مرحب، ورافع، وربيعة قالوا لمعاذ: ما ترك محمد قبلتنا إلا حسدا، وإن قبلتنا قبلة الأنبياء، ولقد علم محمد أنا عدل بين الناس، فقال معاذ: إنا على حق وعدل، فأنزل الله عز وجل في قول معاذ:
* (وكذلك) *، يعني وهكذا، * (جعلناكم أمة وسطا) *، يعني عدلا، نظيرها في ن والقلم، قوله سبحانه: * (قال أوسطهم) * [القلم: 28]، يعني أعدلهم، وقوله سبحانه:
* (من أوسط ما تطعمون أهليكم) * [المائدة: 89]، يعني أعدل، فقول الله: * (وكذلك جعلناكم أمة وسطا) *، يعني أمة محمد تشهد بالعدل في الآخرة بين الأنبياء وبين أممهم، * (لتكونوا شهداء على الناس)، يعني على الرسل هل بلغت الرسالة عن ربها إلى أممهم، * (ويكون الرسول)، يعني محمد صلى الله عليه وسلم * (عليكم شهيدا) *، يعني على أمته أنه بلغهم الرسالة.
* (وما جعلنا القبلة التي كنت عليها) *، يعني بيت المقدس، * (إلا لنعلم)، إلا لنرى * (من يتبع الرسول) *، يعني محمدا صلى الله عليه وسلم على دينه في القبلة ومن يخالفه من اليهود، * (ممن ينقلب على عقبيه) *، يقول: ومن يرجع إلى دينه الأول، * (وإن كانت لكبيرة)، يعني القبلة حين صرفها عن بيت المقدس إلى الكعبة، فعظمت على اليهود، ثم استثنى
(٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 ... » »»