تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل بن سليمان - ج ١ - الصفحة ٥٩
* (وإذا لقوا الذين ءامنوا قالوا ءامنا) *، يعني صدقنا بمحمد، عليه السلام، بأنه نبي، وذلك أن الرجل المسلم كان يلقى من اليهود حليفه أو أخاه من الرضاعة، فيسأله:
أتجدون محمدا في كتابكم، فيقولون: نعم، إن نبوة صاحبكم حق، وإنا نعرفه، فسمع كعب بن الأشرف، وكعب بن أسيد، ومالك بن الضيف، وجدي بن أخطب، فقالوا لليهود في السر: أتحدثون أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم بما فتح الله لكم، يعني بما بين لكم في التوراة من أمر محمد صلى الله عليه وسلم، فذلك قوله تعالى: * (وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا أتحدثونهم بما فتح الله عليكم ليحاجوكم) *، يعني ليخاصموكم * (به عند ربكم) باعترافكم أن محمدا، عليه السلام، نبي ثم لا تتابعوه، * (أفلا تعقلون) * [آية: 76]، يعني أفلا ترون أن هذه حجة لهم عليكم.
تفسير سورة البقرة من آية [77 - 78] فقال الله عز وجل: * (أولا يعلمون أن الله يعلم ما يسرون) * في الخلا * (وما يعلنون) * [آية: 77] في الملاء، فيقول بعضهم لبعض: أتحدثونهم بأمر محمد صلى الله عليه وسلم، أولا يعلمون حين قالوا: إنا نجد محمدا في كتابنا وإنا لنعرفه، * (ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني) *، يقول: من اليهود من لا يقرأ التوراة إلا أن يحدثهم عنها رؤوس اليهود، * (وإن هم إلا يظنون) * [آية: 78] في غير يقين ما يستيقنون به، فإن كذبوا رؤوس اليهود أو صدقوا تابعوهم باعترافهم، فليس لهم بالتوراة علم إلا ما حدثوا عنها.
تفسير سورة البقرة آية [79] * (فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم) *، سوى نعت محمد، عليه السلام، وذلك أن رؤوس اليهود بالمدينة محوا نعت محمد صلى الله عليه وسلم من التوراة، وكتبوا سوى نعته، وقالوا لليهود سوى نعت محمد، * (ثم يقولون هذا) * النعت * (من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا) *، يعني عرضا يسيرا مما يعطيهم سفلة اليهود كل سنة من زروعهم وثمارهم، يقول: * (فويل لهم مما كتبت أيديهم) *، يعني في التوراة من تغيير نعت محمد صلى الله عليه وسلم، * (وويل لهم مما يكسبون) * [آية: 79] من تلك المآكل على التكذيب بمحمد صلى الله عليه وسلم، ولو تابعوا محمدا، عليه السلام، إذا لحبست عنهم تلك المآكل.
(٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 ... » »»