تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل بن سليمان - ج ١ - الصفحة ٣٠٩
إلا أن آمنا بالله) *، يعني صدقنا بالله بأنه واحد لا شريك له، * (و) * صدقنا ب * (ما أنزل إلينا) *، يعني قرآن محمد صلى الله عليه وسلم، * (و) * صدقنا ب * (وما أنزل من قبل) * قرآن محمد صلى الله عليه وسلم، الكتب التي أنزلها الله عز وجل على الأنبياء، عليهم السلام، * (وأن أكثركم فاسقون) *، يعني عصاة.
قالت اليهود للمؤمنين، ما نعلم أحدا من أهل هذه الأديان أقل حظا في الدنيا والآخرة منكم، فأنزل الله عز وجل: * (قل هل أنبئكم بشر من ذلك) *، يعني المؤمنين، * (مثوبة عند الله) *، يعني ثوابا من عند الله، قالت: اليهود: من هم يا محمد؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم وغضب عليه، * (من لعنه الله) *، وهم اليهود * (وغضب عليه) *، فإن لم يقتل أقر بالخراج وغضب عليه، * (وجعل منهم القردة والخنازير) *، القردة في شأن الحيتان، والخنازير في شأن المائدة، * (وعبد الطاغوت) *، فيها تقديم، * (وعبد الطاغوت) *، يعني ومن عبد الطاغوت، وهو الشيطان، * (أولئك شر مكانا) * في الدنيا، يعني شر منزلة، * (وأضل عن سواء السبيل) * [آية: 60]، يعني وأخطأ عن قصد الطريق من المؤمنين.
فلما نزلت هذه الآية، عيرت اليهود، فقالوا لهم: يا إخوان القردة والخنازير، فنكسوا رؤوسهم وفضحهم الله تعالى، وجاء أبو ياسر بن أخطب، وكعب بن الأشرف،، وعزر بن أبي عازر، ونافع بن أبي نافع، ورافع بن أبي حريملة، وهم رؤساء اليهود، حتى دخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: قد صدقنا بك يا محمد؛ لأنا نعرفك ونصدقك ونؤمن بك.
ثم خرجوا من عنده بالكفر، غير أنهم أظهروا الإيمان، فأنزل الله عز وجل فيهم:
* (وإذا جاءوكم) * (اليهود) * (قالوا آمنا) *، يعني صدقنا بمحمد صلى الله عليه وسلم؛ لأنهم دخلوا عليه وهم يسرون الكفر، وخرجوا من عنده بالكفر، فذلك قوله سبحانه: * (وقد دخلوا بالكفر وهم قد خرجوا به) * يعني بالكفر مقيمين عليه، * (والله أعلم بما كانوا يكتمون) * [آية:
61]، يعني بما يسرون في قلوبهم من الكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم، نظيرها في آل عمران.
ثم أخبر عنهم، فقال سبحانه: * (وترى كثيرا منهم يسارعون في الإثم) *، يعني المعصية،
(٣٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 304 305 306 307 308 309 310 311 312 313 314 ... » »»