تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل بن سليمان - ج ١ - الصفحة ٣٠٦
يعني في ولاية اليهود بالمدينة، * (يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة) *، يعني دولة اليهود على المسلمين، وذلك أن نفرا من المنافقين، أربعة وثمانين رجلا، منهم: عبد الله بن أبي، وأبو نافع، وأبو لبابة، قالوا: نتخذ عند اليهود عهدا ونواليهم فيما بيننا وبينهم، فإنا لا ندري ما يكون في غد، ونخشى ألا ينصر محمد صلى الله عليه وسلم، فينقطع الذي بيننا وبينهم، ولا نصيب منهم قرضا ولا ميرة، فأنزل الله عز وجل: * (فعسى الله أن يأتي بالفتح) *، يعني بنصر محمد صلى الله عليه وسلم الذي يئسوا منه، * (أو) * يأتي * (أمر من عنده) *، قتل قريظة، وجلاء النضير إلى أذرعات، فلما رأى المنافقون ما لقى أهل قريظة والنضير، ندموا على قولهم، قال:
* (فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين) * [آية: 52] فلما أخبر الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم عن المنافقين، أنزل هذه الآية: * (ويقول الذين آمنوا) * بعضهم لبعض: * (أهؤلاء الذين أقسموا بالله) *، يعني المنافقين، * (جهد أيمانهم) *، إذ حلفوا بالله عز وجل، فهو جهد اليمين، * (إنهم لمعكم) * على دينكم، يعني المنافقين، * (حبطت أعمالهم) *، يعني بطلت أعمالهم؛ لأنها كانت في غير الله عز وجل، * (فأصبحوا خاسرين) * [آية: 53] في الدنيا.
تفسير سورة المائدة آية [54 - 57] قوله سبحانه: * (يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه) *، وذلك حين هزموا يوم أحد، شك أناس من المسلمين، فقالوا ما قالوا، * (فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه) *، فارتد بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بنو تميم، وبنو حنيفة، وبنو أسد، وغطفان، وأناس من كندة، منهم الأشعث بن قيس، فجاء الله عز وجل بخير من الذين ارتدوا، بوهب بطن من كندة، وبأحمس بجيلة، وحضرموت، وطائفة من حمير وهمذان، أبدلهم مكان الكافرين.
ثم نعتهم، فقال سبحانه: * (أذلة على المؤمنين) * بالرحمة واللين، * (أعزة على
(٣٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 301 302 303 304 305 306 307 308 309 310 311 ... » »»