تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل بن سليمان - ج ١ - الصفحة ٢١٤
الكبير، فدفع إليه ماله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ' هكذا من يطع ربه عز وجل، ويوق شح نفسه، فإنه يحل داره '، يعني جنته، فلما قبض الفتى ماله، أنفقه في سبيل الله، قال النبي صلى الله عليه وسلم:
' ثبت الأجر وبقى الوزر '، فقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: قد عرفنا ثبت الأجر، فكيف بقي الوزر وهو ينفق في سبيل الله؟ فقال الأجر للغلام، والوزر على والده.
تسير سورة النساء آية 3 * (وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى) *، نزلت في خميصة بن الشمردل، وذلك أن الله عز وجل أنزل: * (إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما) *، يعني بغير حق، * (إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا) * [النساء 10]، فخاف المؤمنون الحرج، فعزلوا كل شيء لليتيم من طعام، أو لبن، أو خادم، أو ركوب، فلم يخالطوهم في شيء منه، فشق ذلك عليهم وعلى اليتامى، فرخص الله عز وجل من أمولهم في الخلطة، فقال: * (وإن تخالطوهم فإخوانكم) * [البقرة: 220]:، فنسخ من ذلك الخلطة، فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم عما ليس به بأس، وتركوا أن يسألوه عما هو أعظم منه، وذلك أنه كان يكون عند الرجل سبع نسوة، أو ثمان، أو عشر حرائر، لا يعدل بينهن، فقال سبحانه:
* (وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى) *، يقول: ألا تعدلوا في أمر اليتامى، فخافوا الإثم في أمر النساء، واعدلوا بينهن، فذلك قوله عز وجل: * (فانكحوا ما طاب لكم)، يعني ما يحل لكم * (من النساء مثنى وثلاث ورباع) *، ولم يطب فوق الأربع، ثم قال سبحانه:
* (فإن خفتم) * (الإثم) * (ألا تعدلوا) * في الاثنين والثلاث والأربع في القسمة والنفقة، * (فواحدة) *، يقول: فتزوج واحدة ولا تأثم، فإن خفت أن لا تحسن إلى تلك الواحدة؛ * (أو ما ملكت أيمانكم) * من الولائد، فاتخذ منهن * (ذلك أدنى ألا تعولوا) * [آية: 3]، يقول: ذلك أجدر ألا تميلوا عن الحق في الواحدة وفي إتيان الولائد بعضهم على بعض، ولما نزلت: * (مثنى وثلاث ورباع) *، كان يومئذ تحت قيس بن الحارث ثمان نسوة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ' خل سبيل أربعة منهن وأمسك أربعة '، فقال للتي يريد إمساكها: أقبلي،
(٢١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 ... » »»