ما ذكرناه من المقال بل يزيد في الاشكال، فقال: وإنما كانت هذه الصلاة أداء لأن الاجماع واقع على كون هذه الصلاة موقتة والتوقيت يوجب نية الأداء، ولما كان وقتها لا يسعها وامتنع فعلها فيه وجب المصير إلى كون ما بعده صالحا لايقاعها فيه حذرا من التكليف بالمحال وبقي حكم الأداء مستصحبا لانتفاء الناقل عنه، وروعي فيها الفورية من حيث إن فعلها خارج وقت السبب إنما كان بحسب الضرورة فاقتصر في التأخير على قدرها. وفي ذلك جمع بين القواعد المتضادة وهي توقيت هذه الصلاة مع قصر وقتها واعتبار سعة الوقت لفعل العبادة. انتهى.
وليت شعري بأي دليل ثبت التوقيت في هذه الصلاة وأي خبر دل عليه؟ بل اطلاق الأخبار كما عرفت على خلافه، فإنه مؤذن بالسببية وأن الزلزلة من قبيل الأسباب لهذه الصلاة كما عرفت مما قدمناه، وأعجب من ذلك دعواه الاجماع على التوقيت مع اتفاقهم على أنها تمتد بامتداد العمر.
والاعتذار بما ذكره من هذا الكلام المنحل الزمام لا يسمن ولا يغني من جوع، فإن ظاهره أن الغرض من ارتكاب هذا التكلف هو الجمع بين القواعد المتضادة، وقد عرفت أنه لا مستند لهذه القواعد إلا مجرد اصطلاحهم على ذلك في الأصول التي بنوا عليها ودونوها، فإن ما ذكره من قاعدة توقيت هذه الصلاة مع قصر وقتها لا دليل عليه بل الدليل واضح في خلافه كما أشرنا إليه آنفا، إذ ظاهر اطلاق الأخبار إنما هو السببية دون التوقيت. وما ذكره من قاعدة اعتبار سعة الوقت بناء على ما ذكروه من امتناع التكليف في زمان لا يسعه فقد عرفت أيضا أنه لا دليل عليه.
ونظير هذه القاعدة مسألة من استطاع الحج ثم بادر في عام الاستطاعة ومات في الطريق، فإن المشهور بينهم سقوط القضاء لعدم استقرار الحج في ذمته وظهور كون هذا الزمان الذي بادر فيه إلى أن مات لا يسع الحج ولا يصح وقوع التكليف فيه لذلك، فهو راجع إلى هذه المسألة، مع أن ظواهر الأخبار - وبه قال الشيخان