من حيث النهي الوارد عنها في الروايات، ومن تتبع كتاب البيع وكتاب النكاح عثر على كثير منها وذلك كبيع الخمر والخنزير والعذرة وبيع الغرر ونحو ذلك، والعقد على أخت الزوجة وابنتها وأمها ونحو ذلك، وما ذكروه من القاعدة المشار إليها اصطلاح أصولي لا تساعد عليه الأخبار بحيث يكون أصلا كليا وقاعدة مطردة بل المفهوم منها كون الأمر كذلك في بعض وبخلافه في آخر كما أشرنا إليه.
ويخطر بالبال في الجمع بين الأخبار المتصادمة في هذا المجال أن يقال إن النهي الواقع في الأخبار كان باعتبار عدم قابلية المعقود عليه للدخول تحت مقتضى العقد فإنه يبطل العقد رأسا كالأشياء التي ذكرناها، فإن الظاهر أن النهي عنها إنما وقع من حيث عدم قابليتها للانتقال إلى ما أريد نقلها إليه. وإن كان لا كذلك بل باعتبار أمر خارج من زمان أو مكان أو قيد خارج أو نحو ذلك مما لا مدخل له في أصل العوضين فالحكم فيه ما ذكروه من صحة العقد وإن حصل الإثم باعتبار مخالفة النهي، ومنه البيع وقت النداء فإن النهي عنه وقع من حيث الزمان فيقال بصحة البيع حينئذ لعدم تعلق النهي بذات شئ من العوضين باعتبار عدم قابليته للعوضية وإنما وقع باعتبار أمر خارج عن ذلك وإن أثم باعتبار إيقاعه في ذلك الزمان المنهي عن الايقاع فيه.
ويؤيد هذا التفصيل بعد أن هجر بالفكر الكليل والذهن العليل ما وقفت عليه في كلام شيخنا الشهيد الثاني (أعلى الله مرتبته ونور تربته) في كتاب المسالك في مسألة العقد على بنت الأخ أو الأخت وادخالها على العمة والخالة واختيارهما في فسخه حيث أنه قال: قيل في المسألة المذكورة ببطلان العقد. وقيل بالصحة وأن للعمة والخالة الخيار في فسخه وعدمه. وقد استدل القائل بالبطلان بالنهي عنه ورده في المسالك بأن النهي لا يدل على الفساد في المعاملات. ثم قال بعد ذلك:
(فإن قيل) النهي في المعاملات وأن لم يدل على الفساد بنفسه لكنه إذا دل على عدم صلاحية المعقود عليها للنكاح فهو دال على الفساد من هذه الجهة كالنهي عن