ما أعده الله للمؤمنين العاملين بالخير من غفرانه ونعمه العظيمة، حيث تقول الآية:
وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة وأجر عظيم.
كما ذكرت الآية في المقابل جزاء الكفارين الذين يكذبون بآيات الله، فقالت: والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم.
ومما يلفت النظر أن الآية جعلت المغفرة والأجر العظيم في إطار " وعد الله " بينما ذكرت عقاب جهنم بأنه نتيجة للكفر وللتكذيب بآيات الله، وما هذا إلا إشارة إلى فضل الله ورحمته لعباده فيما يخص نعم وهبات الآخرة التي لا يمكن لأعمال الإنسان مهما كبرت وعظمت أن تباريها أو تعادلها مطلقا، كما أنها إشارة - أيضا - إلى أن عقاب الآخرة ليس فيه طابع انتقامي أبدا، بل هو نتيجة عادلة لما ارتكبه الإنسان من أعمال سيئة في حياته.
أما فيما يخص معنى عبارة " أصحاب الجحيم " (1) فهي مع ما في كلمة " أصحاب " من معنى الملازمة، أي أن الكافرين والمكذبين بآيات الله يلازمون جهنم، لكن هذه الآية لوحدها لا يمكن أن تكون دليلا على مسألة " الخلود " في نار جهنم، كما جاء توضيح ذلك في تفسيري " التبيان " و " مجمع البيان " وتفسير " الفخر الرازي "، لأن الملازمة ربما تكون دائمة، وقد تستمر لفترة طويلة ثم تنقطع، بدلالة التعبير القرآني الوارد في شأن ركاب سفينة نوح النبي (عليه السلام) حيث وردت فيهم عبارة " أصحاب السفينة " وهم لم يكونوا ملازمين لتلك السفينة ملازمة دائمة.
ومع انتفاء الشك حول خلود الكفار في نار جهنم، فالآية الكريمة - موضوع البحث - لم تتحدث بشئ عن هذا " الخلود " بل يستنتج هذا من آيات قرآنية أخرى.
* * *