تفسير شبر - السيد عبد الله شبر - الصفحة ١٥
وابن سعد عن عمر كما سيأتي " الشيخ والشيخة فارجموهما البتة " وفي رواية أبي أمامة بن سهل أن خالة قالت لقد أقرأنا رسول الله (ص) آية الرجم " الشيخ والشيخة فارجموهما البتة بما قضيا من اللذة " ونحو ذلك رواية سعد بن عبد الله وسليمان بن خالد من الشيعة عن أبي عبد الله (ع) ويا للعجب كيف رضى هؤلاء المحدثون لمجد القرآن وكرامته أن يلقى هذا الحكم الشديد على الشيخ والشيخة بدون أن يذكر السبب وهو زناهما أقلا فضلا عن شرط الإحصان وإن قضاء الشهوة أعلم من الجماع والجماع أعلم من الزنى يكون كثيرا مع عدم الإحصان. سامحنا من يزعم أن قضاء الشهوة كناية عن الزنى بل زد عليه كونه مع الإحصان ولكنا نقول ما وجه دخول الفاء في قوله " فارجموهما " وليس هناك ما يصحح دخولها من شرط أو نحوه لا ظاهر ولا على وجه يصح تقديره وإنما دخلت الفاء على الخبر في قوله تعالى في سورة النور " والزانية والزاني فاجلدوا " لأن كلمة " اجلدوا " بمنزلة الجزاء لصفة الزنى في المبتدأ. والزنى بمنزلة الشرط. و ليس الرجم جزءا للشيخوخة ولا الشيخوخة سببا له. نعم الوجه في دخول الفاء هو الدلالة على كذب الرواية. ولعل في رواية سليمان بن خالد سقطا بأن تكون صورة سؤاله هل يقولون في القرآن رجم. وكيف يرضى لمجده وكرامته في هذا الحكم الشديد أن يقيد الأمر بالشيخ والشيخة مع إجماع الأمة على عمومه لكل زان محصن بالغ الرشد من ذكر أو أنثى. وأن يطلق الحكم بالرجم مع إجماع الأمة على اشتراط الإحصان فيه. وفوق ذلك يؤكد الإطلاق ويجعله كالنص على العموم بواسطة التعليل بقضاء اللذة والشهوة الذي يشترك فيه المحصن وغير المحصن. فتبصر بما سمعته من أن عمر قال قبل موته بأقل من عشرين يوما فيما يزعمونه من آية الرجم لولا أن يقول الناس زاد عمر بن الخطاب في كتاب الله لكتبتها " الشيخ والشيخة فارجموهما البتة " وأخرج الحاكم وابن جرير وصححه أيضا أن عمر قال لما نزلت أتيت رسول الله (ص) فقلت أكتبها " وفي نسخة كنز العمال " أكتبنيها؟ فكأنه كره ذلك. وقال عمر ألا ترى أن الشيخ إذا زنى ولم يحصن جلد وأن الشاب إذا زنى وقد أحصن رجم. فالمحدثون يروون أن عمر يذكر أن رسول الله كره أن تكتب آية منزلة وعمر يذكر وجوه الخلل فيها. فيا للعجب منهم. وفي الاتقان أخرج النسائي أن مروان قال لزيد بن ثابت ألا تكتبها في المصحف؟ قال ألا ترى أن الشابين الثيبين يرجمان وقد ذكرنا ذلك لعمر قال أنا أكفيكم فقال يا رسول الله اكتب لي آية الرجم قال لا تستطيع انتهى. فزيد بن ثابت يعترض عليها. ولما رأوا التدافع بين قول عمر اكتبها لي وبين قول النبي لا تستطيع قالوا أراد عمر بقوله ذلك إئذن لي بكتابتها وكأنهم لا يعلمون أن عمر عربي لا يعبر عن قوله إئذن لي بكتابتها بقوله اكتبها لي ومع ذلك لم يستطيعوا أن يذكروا وجها مقبولا لقوله (ص) لا تستطيع. وفي رواية في كنز العمال عن ابن الضريس عن عمر قلت لرسول الله اكتبها يا رسول الله قال لا أستطيع وأخرج ابن الضريس عن زيد بن أسلم أن عمر خطب الناس فقال لا تشكوا في الرجم فإنه حق ولقد هممت أن أكتبه في المصحف فسألت أبي بن كعب فقال أليس أتيتني وأنا أستقرئها رسول الله قد فعلت في صدري وقلت كيف يستقرئه آية الرجم وهم يتسافدون تسافد الحمر انتهى. فهذه الرواية تقول أن عمر لم يرض بإنزال شئ في الرجم.
وليت المحدثون يفسرون حاصل الجواب من أبى لعمر وحاصل منع عمر لأبى عن استقرائها. وأخرج الترمذي عن سعد بن المسيب عن عمر قال رجم رسول الله (ص) ورجم أبو بكر ورجمت ولولا أنى أكره أن أزيد في كتاب الله لكتبته في المصحف. نعم يقول إن كتابة الرجم في المصحف زيادة في كتاب الله وهو يكرهها - فقابل هذه الروايات الأربع إحداهن بالأخرى واعرف ما جناه المولعون بكثرة الرواية من المحدثين. وإذا نظرت إلى الجزء الثالث من كنز العمال صحيفة 90 و 91 فإنك تزداد بصيرة في الاضطراب والخلل.
هذا وبما يصادم هذه الروايات ويكافحها ما روى من أن عليا (ع) لما جلد شراحة الهمدانية يوم الخميس ورجمها يوم الجمعة قال اجلدها بكتاب الله وارجمها بسنة رسوله كما رواه أحمد والبخاري والنسائي وعبد الرزاق في الجامع
(١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 ... » »»