تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٢ - الصفحة ١٨٨
الذين يجعلون مع الله الها آخر فسوف يعلمون - 96 ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون - 97 فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين - 98 واعبد ربك حتى يأتيك اليقين - 99 (بيان) في الآيات تخلص إلى غرض البيان السابق وهو أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يصدع بما يؤمر ويأخذ بالصفح والاعراض عن المشركين ولا يحزن عليهم ولا يضيق صدره بما يقولون فان من القضاء الحق ان يجازى الناس باعمالهم في الدنيا والآخرة وخاصة يوم القيامة الذي لا ريب فيه وهو اليوم الذي لا يغادر أحدا ولا يدع مثقال ذرة من الخير والشر الا الحقه بعامله فلا ينبغي أن يؤسف لكفر كافر فان الله عليم به سيجازيه ولا يحزن عليه فان الاشتغال بالله سبحانه أهم وأوجب.
ولقد كرر سبحانه امره بالصفح والاعراض عن أولئك المستهزئين به وهم الذين مر ذكرهم في مفتتح السورة والاشتغال بتسبيحه وتحميده وعبادته وأخبره انه كفاه شرهم فليشتغل بما امره الله به وبذلك تختتم السورة.
قوله تعالى: " وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما الا بالحق وان الساعة لآتية الباء في قوله بالحق للمصاحبة أي ان خلقها جميعا لا ينفك عن الحق ويلازمه فللخلق غاية سيرجع إليها قال تعالى: " إن إلى ربك الرجعي " العلق: 8 ولولا ذلك لكان لعبا باطلا قال تعالى: " وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين ما خلقناهما الا بالحق " الدخان: 39 وقال: " وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا " ص: 27 ومن الدليل على كون المراد بالحق ما يقابل اللعب الباطل تذييل الكلام بقوله وان الساعة لآتية وهو ظاهر.
وبذلك يظهر فساد ما ذكره بعضهم ان المراد بالحق العدل والانصاف والباء للسببية والمعنى ما خلقنا ذلك الا بسبب العدل والانصاف يوم الجزاء بالاعمال.
(١٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 ... » »»
الفهرست