تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٠ - الصفحة ٣١١
نظمها وأجراها في هذا العالم حتى يرجى منها خير بالارضاء أو يترقب شر بالاسخاط.
فالله سبحانه هو الذي يجب أن يعبد فيرجى بذلك رضاه، ويتقى بذلك سخطه لمكان أنه هو الخالق للانسان ولكل شئ المدبر أمره وأمر كل شئ فقوله:
(هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها) مسوق لتعليل سابقه والاحتجاج عليه من طريق إثبات النسبة بينه تعالى وبين الانسان ونفى الاستقلال من الأسباب.
ولذلك عقبه بقوله: (فاستغفروه ثم توبوا إليه) على وجه التفريع أي فإذا كان الله تعالى هو الذي يجب عليكم أن تعبدوه وتتركوا غيره لكونه هو خالقكم المدبر لأمر حياتكم فاسألوه أن يغفر لكم معصيتكم بعبادة غيره، وارجعوا إليه بالايمان به وعبادته. إنه قريب مجيب.
وقد علل قوله: (فاستغفروه) الخ، بقوله: (إن ربى قريب مجيب) لأنه استنتج من حجته المذكورة أنه تعالى يقوم بإيجاد الانسان وتربيته وتدبير أمر حياته، وأنه لا استقلال لشئ من الأسباب العمالة في الكون بل الله تعالى هو الذي يسوق هذا إلى هنا، ويصرف ذاك عن هناك فهو تعالى الحائل بين الانسان وبين حوائجه وجميع الأسباب العمالة فيها، القريب منه لا كما يزعمون أنه لا يدركه فهم ولا يناله عبادة وقربان، وإذا كان قريبا فهو مجيب، وإذا كان قريبا مجيبا وهو الله لا إله غيره فمن الواجب أن يستغفروه ثم يتوبوا إليه.
قوله تعالى: (قالوا يا صالح قد كنت فينا مرجوا قبل هذا أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا) الخ، الرجاء إنما يتعلق بالانسان لا من جهة ذاته بل من جهة أفعاله وآثاره، ولا يرجى منها إلا الخير والنفع فكونه مرجوا هو أن يوجد ذا رشد وكمال في شخصه وبيته فيستهل منه الخير ويترقب منه النفع، وقوله: (قد كنت فينا) دليل على كونه مرجوا لعامتهم وجمهورهم.
فقولهم: (يا صالح قد كنت فينا مرجوا قبل هذا معناه أن ثمود كانت ترجو منك أن تكون من أفرادها الصالحة تنفع بخدماتك مجتمعهم وتحمل الأمة على صراط الترقي والتعالي لما كانت تشاهد فيك من امارات الرشد والكمال لكنهم يئسوا منك ومن رزانة رأيك اليوم بما أبدعت من القول وأقمت من الدعوة.
(٣١١)
مفاتيح البحث: الشهادة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 306 307 308 309 310 311 312 313 314 315 316 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة يونس 5
2 سورة هود 134
3 (25 - 35) كلام في قدرة الأنبياء والأولياء (بحث فلسفي قرآني) 210
4 (36 - 49) أبحاث حول قصة نوح في فصول (بحث قرآني روائي) 247
5 1 - الإشارة إلى قصته (بحث تاريخي فلسفي) 247
6 2 - قصته عليه السلام في القرآن: 248
7 بعثه وإرساله، دينه وشريعته 248
8 لبثه في قومه، صنعه الفلك 249
9 نزول العذاب ومجئ الطوفان 250
10 قضاء الأمر ونزوله ومن معه إلى الأرض 250
11 قصة ابن نوح الغريق 250
12 3 - خصائص نوح عليه السلام 251
13 4 - قصته في التوراة الحاضرة 252
14 5 - ما جاء في أمر الطوفان في أخبار الأمم وأساطيرهم 257
15 6 - هل كانت نبوته عامة للبشر؟ 259
16 7 - هل الطوفان كان عاما لجميع الأرض؟ 264
17 بحث جيلوجي ملحق بهذا الفصل في فصول 1 - الأراضي الرسوبية 266
18 2 - الطبقات الرسوبية أحدث القشور والطبقات الجيلوجية 267
19 3 - انبساط البحار واتساعها 268
20 4 - العوامل المؤثرة في ازدياد المياه وغزارة عملها في عهد الطوفان 269
21 5 - نتيجة البحث 270
22 6 - عمره عليه السلام الطويل 270
23 7 - أين هو جبل الجودي؟ 271
24 8 - شبهة وجوابها 271
25 (36 - 49) كلام في عبادة الأصنام وفيه فصول (بحث قرآني روائي) 1 - الانسان واطمئنانه إلى الحس (تاريخي فلسفي) 272
26 2 - الإقبال إلى الله بالعبادة 274
27 3 - كيف نشأت الوثنية؟ 275
28 4 - اتخاذ الأصنام لأرباب الأنواع وغيرهم 277
29 5 - الوثنية الصابئة 278
30 6 - الوثنية البرهمية؟ 279
31 7 - الوثنية البوذية 283
32 8 - وثنية العرب 285
33 9 - دفاع الاسلام عن التوحيد ومنازلته الوثنية 287
34 10 - بناء سيرة النبي على التوحيد ونفي الشركاء 290
35 كلام آخر ملحق بالكلام السابق في فصول 290
36 1 - التناسخ عند الوثنيين 290
37 2 - سريان هذه المحاذير إلى سائر الأديان 293
38 3 - إصلاح الاسلام لهذه المفاسد 294
39 4 - إشكال الاستشفاع والتبرك في الاسلام 295
40 كلام في قصة هود (بحث تاريخي قرآني) 307
41 1 - عاد قوم هود 307
42 2 - شخصية هود المعنوية 308
43 كلام في قصة صالح في فصول (بحث تاريخي قرآني) 317
44 1 - ثمود قوم صالح عليه السلام 2 - بعثة صالح 317
45 3 - شخصية صالح 318
46 كلام في قصة البشرى (بحث قرآني) 332
47 كلام في قصة لوط وقومه في فصول: (بحث قرآني تاريخي) 352
48 1 - قصته وقصة قومه في القرآن 352
49 2 - عاقبة أمرهم 353
50 3 - شخصية لوط المعنوية 4 - لوط وقومه في التوراة 354
51 (82 - 95) كلام في معنى حرية الانسان في عمله 370
52 (82 - 95) كلام في قصة شعيب وقومه في القرآن في فصول: (بحث قرآني تاريخي) 377
53 1 - قصته عليه السلام 377
54 2 - شخصيته المعنوية 3 - ذكره في التوراة 378