تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٣ - الصفحة ٣٠٤
فإن قوله وكنت عليهم الخ في معنى أنه لم يكن لي شأن فيهم إلا ما أنت وظفته علي وعينته وهو تبليغ الرسالة والشهادة على الأعمال ما دمت فيهم وأما هلاكهم ونجاتهم وعذابهم ومغفرتهم فإنما ذلك إليك من غير أن يرتبط بي شئ من ذلك أو يكون لي شأن فيه فأملك لهم شيئا منك أخرجهم به من عذابك أو تسلطك عليهم وفي ذلك نفى الفداء إذ لو كان هناك فداء لم يصح تبريه من أعمالهم وإرجاع العذاب والمغفرة معا إلى الله سبحانه بنفي ارتباطهما به أصلا.
وفي معنى هذه الآيات قوله تعالى " واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ولا هم ينصرون " البقرة - 48 وكذا قوله تعالى " يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة " البقرة - 254 وقوله تعالى " يوم تولون مدبرين ما لكم من الله من عاصم " المؤمن - 33 فإن العدل في الآية الأولى والبيع في الآية الثانية والعصمة من الله في الآية الثالثة مما ينطبق عليه الفداء فنفيها نفي الفداء.
نعم أثبت القرآن الشريف في مورد المسيح الشفاعة بدل ما يثبتونه من الفداء والفرق بينهما أن الشفاعة (كما تقدم البحث عنها في قوله تعالى " واتقوا يوما لا تجزي " البقرة - 48 نوع من ظهور قرب الشفيع ومكانته لدى المشفوع عنده من غير أن يملك الشفيع منه شيئا أو يسلب عنه ملك أو سلطنة أو يبطل حكمه الذي خالفه المجرم أو يبطل قانون المجازاة بل إنما هو نوع دعاء واستدعاء من الشفيع لتصرف المشفوع عنده وهو الرب ما يجوز له من التصرف في ملكه وهذا التصرف الجائز مع وجود الحق هو العفو الجائز للمولى مع كونه ذا حق أن يعذبه لمكان المعصية وقانون العقوبة.
فالشفيع يحضه ويستدعي منه أن يعمل بالعفو والمغفرة في مورد استحقاق العذاب للمعصية من غير أن يسلب من المولى ملك أو سلطان بخلاف الفداء فإنه كما مر معاملة يتبدل به سلطنة من شئ إلى شئ آخر هو الفداء ويخرج المفدي عنه عن سلطان القابل الآخذ للفداء.
ويدل على هذا الذي ذكرناه قوله تعالى " ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة إلا من شهد بالحق وهم يعلمون " الزخرف - 86 فإنه صريح في وقوع الشفاعة من المستثنى والمسيح عليه السلام ممن كانوا يدعونهم من دون الله وقد نص القرآن بأن
(٣٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 299 300 301 302 303 304 305 306 307 308 309 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (1 - 6) كلام في معنى العذاب في القرآن. (بحث قرآني) 10
2 (7 - 9) كلام تفصيلي في المحكم والمتشابه والتأويل في عدة فصول. (بحث قرآني) 31
3 (7 - 9) 1 - المحكم والمتشابه (بحث قرآني) 32
4 (7 - 9) 2 - ما معنى كون المحكمات أم الكتاب؟ (بحث قرآني) 43
5 (7 - 9) 3 - ما معنى التأويل؟ (بحث قرآني) 44
6 (7 - 9) 4 - هل يعلم تأويل القرآن غير الله سبحانه؟ (بحث قرآني) 49
7 (7 - 9) 5 - ما هو السبب في اشتمال الكتاب على المتشابه (بحث قرآني) 56
8 (7 - 9) نتائج هذه الأبحاث وهي عشرة (بحث قرآني) 63
9 (7 - 9) في المراد من تفسير القرآن بالرأي وما هو حق التفسير؟ (بحث قرآني وروائي) 75
10 (26 - 27) معنى الرزق في القرآن. (بحث قرآني) 137
11 (26 - 27) في معنى الملك واعتباره (بحث علمي) 144
12 (26 - 27) في استناد الملك وسائر الأمور الاعتبارية إليه تعالى. (بحث فلسفي) 149
13 (35 - 41) كلام في الخواطر الملكية والشيطانية وما يلحق بهما من التكليم. (بحث قرآني) 185
14 (42 - 60) في معنى التحديث (بحث روائي) 228
15 المباهلة مع نصارى نجران (بحث روائي) 229
16 خاتمة فيها فصول (79 - 80) 1 - ما هي قصة عيسى وأمه في القرآن؟ (بحث قرآني) 279
17 (79 - 60) 2 - منزلة عيسى عند الله وموقفه في نفسه. (بحث قرآني) 281
18 (79 - 60) 3 - ما الذي قاله عيسى؟ وما الذي قيل فيه؟ (بحث قرآني) 282
19 (79 - 60) 4 - احتجاج القرآن على مذهب التثليث. (بحث قرآني) 287
20 (79 - 80) 5 - المسيح من الشفعاء عند الله وليس مفاد؟ (بحث قرآني) 291
21 (79 - 80) 6 - من أين نشأ هذه الآراء؟ (بحث قرآني) 305
22 (79 - 80) 7 - ما هو الكتاب الذي انتسب إليه أهل الكتاب؟ وكيف هو؟ (بحث قرآني) 306
23 (79 - 80) 1 - قصة التوراة الحاضرة. (بحث قرآني) 308
24 (79 - 80) 2 - قصة المسيح والإنجيل (بحث قرآني) 310
25 (79 - 80) الأناجيل الأربعة (بحث قرآني) 311
26 (79 - 80) إنجيل برنابا (بحث قرآني) 315
27 (79 - 80) انشعاب الكنائس (بحث قرآني) 326
28 (96 - 97) ملخص تاريخ الكعبة (بحث قرآني) 358
29 (96 - 97) بنائها. (بحث قرآني) 358
30 (96 - 97) شكلها. (بحث قرآني) 360
31 (96 - 97) كسوتها. (بحث قرآني) 361
32 (96 - 97) منزلتها. (بحث قرآني) 361
33 (96 - 97) ولايتها. (بحث قرآني) 362