تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٣ - الصفحة ٣٠٠
وذلك أنه لما فرض أن الهلاك الدائم والعقاب الأخروي محتوم من جهة صدور المعصية لا ينفع في صرفه عن الانسان لا عمل ولا توبة إلا بنحو الفداء لم يكن معنى لتشريع الشرائع وإنزال الكتب وإرسال الرسل من عند الله سبحانه ولم يزل الوعد والوعيد والانذار والتبشير خالية عن وجه الصحة فما ذا كاد يصلحه هذا السعي بعد وجوب العذاب وحتم الفساد.
وإذا فرض هناك من تكمل بالعمل بالشرائع السابقة وكم من الأنبياء والربانيين من الأمم السالفة كذلك كالنبي المكرم إبراهيم وموسى عليهما السلام وغيرهما وقد قضوا وماتوا قبل إدراك زمان الفداء فما ذا ترى أترى أنهم ختموا الحياة على الشقاء أو السعادة وما الذي استقبلهم به الموت وعالم الآخرة استقبلهم بالعقاب والهلاك أم بالثواب والحياة السعيدة.
مع أن المسيح يصرح بأنه إنما ارسل لتخليص المذنبين والمخطئين وأما الصلحاء والأخيار فلا حاجة لهم إلى ذلك (1).
وبالجملة فلا يبقى لتشريع الشرائع الإلهية وجعل النواميس الدينية قبل فداء المسيح غرض صحيح يصونه عن العبث واللغوية ولا لهذا الفعل العجيب من الله تعالى وتقدس محمل حق الا أن يقال إنه تعالى كان يعلم أن لو لم يرفع محذور خطيئة آدم لم ينفعه شئ من هذه التشريعات قط وانما شرع هذه الشرائع على سبيل الاحتياط برجاء أن سيوفق يوما لرفع المحذور ويجني ثمرة تشريعه بعد ذلك ويبلغ غايته ويظفر بأمنيته إذ ذاك فشرع ما شرع بكتمان الامر عن الأنبياء والناس وإخفاء أن هيهنا محذورا لو لم يرتفع خابت مساعي الأنبياء والمؤمنين كافة وذهبت الشرائع سدى وإظهار أن التشريع والدعوة على الجد والحقيقة.
فغر الناس وغر نفسه أما غرور الناس فبإظهار أن العمل بالشرائع يضمن مغفرتهم وسعادتهم وأما غرور نفسه فلان التشريع بعد رفع المحذور بالفداء يعود

(1) فتقمقم الفريسيون والكتبة على تلاميذه قائلين لما تأكلون وتشربون مع العشارين والخطاة أجابهم يسوع قائلا لا يحتاج الأصحاء إلى الطبيب لكن المرضى لم آت لأدعو الصديقين لكن الخطاة إلى التوبة إنجيل لوقا - الأصحاح الخامس.
(٣٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 295 296 297 298 299 300 301 302 303 304 305 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (1 - 6) كلام في معنى العذاب في القرآن. (بحث قرآني) 10
2 (7 - 9) كلام تفصيلي في المحكم والمتشابه والتأويل في عدة فصول. (بحث قرآني) 31
3 (7 - 9) 1 - المحكم والمتشابه (بحث قرآني) 32
4 (7 - 9) 2 - ما معنى كون المحكمات أم الكتاب؟ (بحث قرآني) 43
5 (7 - 9) 3 - ما معنى التأويل؟ (بحث قرآني) 44
6 (7 - 9) 4 - هل يعلم تأويل القرآن غير الله سبحانه؟ (بحث قرآني) 49
7 (7 - 9) 5 - ما هو السبب في اشتمال الكتاب على المتشابه (بحث قرآني) 56
8 (7 - 9) نتائج هذه الأبحاث وهي عشرة (بحث قرآني) 63
9 (7 - 9) في المراد من تفسير القرآن بالرأي وما هو حق التفسير؟ (بحث قرآني وروائي) 75
10 (26 - 27) معنى الرزق في القرآن. (بحث قرآني) 137
11 (26 - 27) في معنى الملك واعتباره (بحث علمي) 144
12 (26 - 27) في استناد الملك وسائر الأمور الاعتبارية إليه تعالى. (بحث فلسفي) 149
13 (35 - 41) كلام في الخواطر الملكية والشيطانية وما يلحق بهما من التكليم. (بحث قرآني) 185
14 (42 - 60) في معنى التحديث (بحث روائي) 228
15 المباهلة مع نصارى نجران (بحث روائي) 229
16 خاتمة فيها فصول (79 - 80) 1 - ما هي قصة عيسى وأمه في القرآن؟ (بحث قرآني) 279
17 (79 - 60) 2 - منزلة عيسى عند الله وموقفه في نفسه. (بحث قرآني) 281
18 (79 - 60) 3 - ما الذي قاله عيسى؟ وما الذي قيل فيه؟ (بحث قرآني) 282
19 (79 - 60) 4 - احتجاج القرآن على مذهب التثليث. (بحث قرآني) 287
20 (79 - 80) 5 - المسيح من الشفعاء عند الله وليس مفاد؟ (بحث قرآني) 291
21 (79 - 80) 6 - من أين نشأ هذه الآراء؟ (بحث قرآني) 305
22 (79 - 80) 7 - ما هو الكتاب الذي انتسب إليه أهل الكتاب؟ وكيف هو؟ (بحث قرآني) 306
23 (79 - 80) 1 - قصة التوراة الحاضرة. (بحث قرآني) 308
24 (79 - 80) 2 - قصة المسيح والإنجيل (بحث قرآني) 310
25 (79 - 80) الأناجيل الأربعة (بحث قرآني) 311
26 (79 - 80) إنجيل برنابا (بحث قرآني) 315
27 (79 - 80) انشعاب الكنائس (بحث قرآني) 326
28 (96 - 97) ملخص تاريخ الكعبة (بحث قرآني) 358
29 (96 - 97) بنائها. (بحث قرآني) 358
30 (96 - 97) شكلها. (بحث قرآني) 360
31 (96 - 97) كسوتها. (بحث قرآني) 361
32 (96 - 97) منزلتها. (بحث قرآني) 361
33 (96 - 97) ولايتها. (بحث قرآني) 362