تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ٢ - الصفحة ٧٥
من رسول الله (صلى الله عليه وآله). وكان قد عرفه الله ما كان من أمر الدينار ومن أين وجهه بوحي من الله يأمره أن يتعشى عند علي تلك الليلة، فلما نظر إلى سكوته قال: يا أبا الحسن مالك لا تقول: لا، فانصرف عنك، أو نعم، فأمضي معك، فقال: حبا وكرامة، اذهب بنا، فأخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله) بيد أمير المؤمنين وانطلقا حتى دخلا على فاطمة (صلوات الله وعليهم أجمعين) وهي في محرابها، قد قضت صلاتها، وخلفها جفنة تفور دخانا، فلما سمعت كلام رسول الله (صلى الله عليه وآله) خرجت من مصلاها وسلمت عليه، وكانت أعز الناس عليه، فرد عليها السلام، ومسح يده على رأسها، وقال: يا بنتاه كيف أمسيت يرحمك الله؟ قالت: بخير، قال: عشينا رحمك الله وقد قعد، فأخذت الجفنة ووضعتها بين يدي رسول الله وعلي (صلى الله عليه وآلهما)، فلما نظر أمير المؤمنين إلى الطعام وشم ريحه رمى فاطمة ببصره رميا شحيحا، فقالت له فاطمة: سبحان الله ما أشح نظرك وأشده، فهل أذنبت فيما بيني وبينك ذنبا استوجب به السخطة منك؟ فقال: وأي ذنب أعظم من ذنب أصبت اليوم، أليس عهدي بك وأنت تحلفي بالله مجتهدة انك ما طعمت طعاما منذ يومين؟ فنظرت إلى السماء وقالت: إلهي تعلم ما في سمائك وأرضك اني لم أقل إلا حقا، فقال لها: يا فاطمة أنى لك هذا الطعام الذي لم أنظر إلى مثل لونه، ولم أشم مثل ريحه قط، ولم آكل أطيب منه؟ قال: فوضع النبي (صلى الله عليه وآله) كفه المبارك على كتف على أمير المؤمنين (عليه السلام) وهزها، ثم هزها ثلاث مرات، [ثم] قال: يا علي هذا بدل دينارك، هذا أجر دينارك من عند الله، إن الله يرزق من يشاء بغير حساب، تم استعبر باكيا، وقال: الحمد لله الذي أبى لكما أن يخرجكما من الدنيا حتى يجريك يا علي مجرى زكريا، ويجريك يا فاطمة مجرى مريم بنت عمران، وهو قوله تعالى: " كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب " (1).

(١) لا يوجد لدينا كتاب الآيات الباهرة، ونقله الشيخ في مصباح الأنوار في الباب الحادي عشر في مناقب الزهراء وفضلها (مخطوط) بحار الأنوار: ج ٤٣ ص ٥٩ تاريخ سيدة النساء، باب 3 مناقبها وبعض أحوالها (عليهما السلام)، ح 51. تفسير فرات بن إبراهيم: ص 21، مع اختلاف يسير فيهما.
(٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 ... » »»
الفهرست