تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ٢ - الصفحة ٦٥٠
غضبه إلى أن يحيف على من تحت يديه، ورجل مشى بين اثنين فلم يمل مع أحدهما على الآخر بشعرة، ورجل قال الحق فيما له وعليه (1).
عن محمد بن قيس، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إن الله تعالى جنة لا يدخلها إلا ثلاثة، رجل حكم في نفسه بالحق الحديث (2).
إن يكن: أي المشهود عليه، أو كل واحد من المشهود عليه ومن المشهود له.
غنيا أو فقيرا: فلا تمتنعوا عن إقامة الشهادة. أو لا تجوروا فيها ميلا، أو ترحما.
فالله أولى بهما: بالغنى والفقير وبالنظر لهما، فلو لم تكن الشهادة عليهما أو لهما صلاحا، لما شرعها وهو علة الجواب أقيمت مقامه، والضمير في " بهما " راجع إلى ما دل عليه المذكور، وهو جنسا الغني والفقير، لا إليه، وإلا لوحد، للترديد فيه ب‍ " أو " ويشهد عليه إن قرئ " فالله أولى بهم " (3) (4) فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا: لان تعدلوا عن الحق، من العدول، أو كراهة أن تعدلوا، من العدل.
وإن تلوا: ألسنتكم عن شهادة الحق.
وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو والكسائي بإسكان اللام وبعدها واوان، الأولى مضمومة والثانية ساكنة. وقرئ " وان تلو " بمعنى إن وليتم إقامة الشهادة (5).

(١) الخصال: ص ٨١، باب الثلاثة ح ٥.
(٢) الخصال: ص ١٣١، باب الثلاثة ١٣٦ وتمام الحديث (ورجل زار أخاه في الله، ورجل آثر أخاه المؤمن في الله عز وجل).
(٣) من قوله: (أن يكن أي المشهود عليه) إلى قوله: (أو تعرضوا عن أدائها) مقتبس من تفسير البيضاوي:
ج ١ ص ٢٤٩
، لاحظ تفسيره، لآية 135 من سورة النساء.
(4) قوله: (لا إليه وإلا لوحد) أي لو كان الضمير راجعا إلى المذكور، وهو أحد الجنسين، لوجب توحد الضمير. لان المرجع واحد وهو أحد الجنسين (من حاشية الكازروني لتفسير البيضاوي).
(5) (وان تلووا) قرأ تلووا بواوين، واصله، تلويوا على وزن تفعلوا، من لويت، فنقلت الضمة من الياء إلى ما قبلها، فبقيت الياء ساكنة وواو الجمع ساكنة فحذفت الياء لالتقاء الساكنين، فبقي تلووا على وزن تفعوا. وقرأ تلوا بواو واحدة، ويحتمل وجهين أحدهما: أن يكون من لويت، واصله تلويوا على ما بيناه في القراءة الأولى، إلا أنه لما نقلت الضمة من الياء إلى الواو، حذفت الياء لالتقاء الساكنين ونقلت الضمة على الواو، فقلبت همزة وحذفت، ونقلت حركتها إلى اللام، فبقيت تلوا:
والثاني أن يكون تلوا أصله توليوا من وليت، الا أنه حذفت الواو الأولى التي هي الفاء لوقوعها بين تاء وكسرة، حملا للتاء على الياء كما تحذف من نعد حملا لبعض حروف المضارعة على بعض طلبا للتشاكل، وفرارا من نفرة الاختلاف ليجري الباب على سنن واحد ولا تختلف طرق تصاريف الكلمة، فلما حذفت الواو الأولى بقي تليو فاستثقلت الضمة على الياء فنقلت إلى اللام قبلها، وحذف الياء لسكونها وسكون واو الجمع بعدها، وكانت أولى بالحذف، لان واو الجمع دخلت لمعنى والياء لم تدخل لمعنى، فكان حذفها أولى. وصار (تلوا) على وزن (تعوا) لذهاب الفاء واللام (البيان لابن الأنباري: ص 269).
(٦٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 645 646 647 648 649 650 651 652 653 654 655 ... » »»
الفهرست