تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ٢ - الصفحة ٣٤٨
أنه جعلها معه (1) (2) (3).
وفي عيون الأخبار: بإسناده إلى الرضا (عليه السلام) قال: إن الله أمر بثلاثة مقرون بها ثلاثة، إلى قوله: وأمر باتقاء الله وصلة الرحم، فمن لم يصل رحمه لم يتق الله (عز وجل) (4).

(١) الكافي: ج ٢ ص ١٥٠، كتاب الايمان والكفر، باب صلة الرحم، ح 1.
(2) قوله: (هي أرحام الناس) أي ليس المراد هنا رحم آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، كما في أكثر الآيات (أمر بصلتها) أي في سائر الآيات أو في هذه الآية على قراءة النصب بالعطف على الله، والامر باتقاء الأرحام، أمر بصلتها (وعظمها) حيث قرنها بنفسه (ألا ترى أنه جعلها منه) أي قرنها بنفسه. وعلى قراءة الجر، حيث قررهم على ذلك، حيث كانوا يجمعون بينه تعالى وبين الرحم في السؤال، فيقولون: أنشدك الله والرحم. وربما يقرأ منة بضم الميم وتشديد النون، أي جعلها قوة وسببا لحصول المطالب، أو بالكسر والتشديد، أي أنعم بهما على الخلائق، ولا يخفى ما فيهما من التعسف (مرآة العقول: ج 8 ص 359).
(3) بقي هنا شئ ينبغي الإشارة إليه، وهو تحقيق معنى الرحم، فنقول: قيل: الرحم والقرابة نسبة واتصال بين المنتسبين يجمعها رحم واحد. وهذا يشبه أن يكون دوريا، وقيل: الرحم عبارة عن قرابة الرجل من جهة طرفيه، آبائه وإن علوا وأبنائه وإن سفلوا وما يتصل بالطرفين من الأعمام والعمات، والاخوة والأخوات وأولادهم، وقيل: الرحم التي تجب صلتها كل رحم بين اثنين لو كان ذكرا لم يتناكحا، فعلى هذا لا يدخل أولاد الأعمام وأولاد الأخوال، وقيل: هي عام في كل رحم من ذوي الأرحام المعروفين بالنسب محرمات أو غير محرمات، وإن بعدوا، وهذا أقرب إلى الصواب ويدل عليه ما رواه علي بن إبراهيم ج 2 ص 308 في تفسير قوله تعالى: " فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم " إنها نزلت في بني أمية وصدر منه بالنسبة إلى أئمة أهل البيت (عليهم السلام)، ويؤيده روايات أخر.
والظاهر أنه لا خلاف في أن صلة الرحم واجبة في الجملة وأن لها درجات متفاوتة بعضها فوق بعض، وأدناها الكلام والسلام وترك المهاجرة، ويختلف ذلك باختلاف القدرة عليها والحاجة إليها، فمن الصلة ما يجب ومنها ما يستحب، ومن وصل بعض الصلة ولم يبلغ أقصاها، ومن قصر عما ينبغي، أو قصر عما يقدر عليه، هل هو واصل أو قاطع فيه تأمل، والأقرب عدم القطع، لصدق الصلة في الجملة (شرح أصول الكافي للعلامة المازندراني: ج 9 ص 5).
(4) عيون أخبار الرضا (عليه السلام): ج 1 ص 201 باب 26 ما جاء عن الرضا (عليه السلام) من الاخبار النادرة في فنون شتى، ح 13، وتمام الحديث: (أمر بالصلاة والزكاة، فمن صلى ولم يزك، لم
(٣٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 343 344 345 346 347 348 349 350 351 352 353 ... » »»
الفهرست