تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٢ - الصفحة ٦٧٩
أو أراد: أطمع أن يغفر لأجلي خطيئة من يشفعني فيه، فإن الأنبياء (عليهم السلام) منزهون عن الخطايا (1) والآثام، فاستغفارهم محمول على تواضعهم لربهم وهضمهم لأنفسهم، ويدل على ذلك قوله: * (أطمع) * ولم يجزم القول بالمغفرة، وفيه تعليم لأممهم. * (هب لي حكما) * أي: حكمة أو حكما بين الناس بالحق، وقيل: الحكم:
النبوة (2)، لأن النبي ذو حكم بين الناس وذو الحكمة والعلم * (وألحقني بالصالحين) * إجمع بيني وبينهم في الجنة. * (ولا تخزني يوم يبعثون) * من الخزي الذي هو الهوان، أو: من الخزاية التي هي الحياء، وهذا أيضا من نحو استغفارهم مع عصمتهم وبعدهم عما يوجب الاستغفار، وفي * (يبعثون) * ضمير للعباد لأنه معلوم. * (إلا) * حال من * (أتى الله بقلب سليم) * وهو من قولهم:
تحية بينهم ضرب وجيع (3).
وبيانه أن يقال لك: هل لزيد مال وبنون؟ فتقول: ماله وبنوه سلامة قلبه، تريد نفي المال والبنين عنه، وإثبات سلامة القلب له بدلا من ذلك. ويجوز حمل الكلام على المعنى بأن يجعل المال والبنين في معنى " الغنى "، إلا غنى من أتى الله بقلب سليم، لأن غنى الرجل في دينه بسلامة قلبه، كما أن غناه في دنياه بماله وبنيه.
ويجوز أن يكون مفعولا ل‍ * (ينفع) * أي: لا ينفع مال ولا بنون إلا رجلا سلم قلبه مع ماله حيث أنفقه في طاعة الله، ومع بنيه حيث أرشدهم إلى الدين وعلمهم الشرائع. وقيل: القلب السليم الذي أسلم وسالم واستسلم (4). وعن الصادق (عليه السلام):

(١) في نسخة: " الخطاء ".
(٢) قاله السدي والكلبي. راجع تفسير الماوردي: ج ٤ ص ١٧٦، وتفسير البغوي: ج ٣ ص ٣٩٠.
(3) وصدره: وخيل قد دلفت لها بخيل. وهو منسوب لعمرو بن معد يكرب، قد تقدم شرح البيت في ج 1 ص 73 فراجع.
(4) حكاه الزمخشري في الكشاف: ج 3 ص 321.
(٦٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 674 675 676 677 678 679 680 681 682 683 684 ... » »»