تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٢ - الصفحة ٤٨٣
* (أوحينا إلى أمك) * أي: ألهمناها * (ما) * يلهم، وهو ما كان سبب نجاتك من القتل، أو بعثنا إليها ملكا كما بعثنا إلى مريم. * (أن اقذفيه... في اليم) * أي: ضعيه وألقيه، وهي * (أن) * المفسرة، لأن الوحي بمعنى القول، والضمائر كلها ترجع إلى * (موسى) *، * (فليلقه اليم بالساحل) * وهو شط البحر، كأنه أمر البحر كما أمر أم موسى، وهذا على طريق المجاز جعله كذي تمييز، أمر بذلك ليطيع لما كانت مشيئته عز اسمه إلقاءه إلى الساحل * (يأخذه عدو لي وعدو له) * وهو فرعون، لأنه تصور أن ملكه ينقرض على يده، و * (منى) * إن تعلق ب‍ * (ألقيت) * فالمعنى: إني أحببتك ومن أحبه الله أحبته القلوب، وإن تعلق بمحذوف هو صفة ل‍ * (محبة) * فالمعنى: * (ألقيت عليك محبة) * واقعة * (منى) * قد ركزته أنا في القلوب وزرعته فيها ولذلك أحبك فرعون وكل من رآك، و * (لتصنع) * معطوف على علة مضمرة (1)، مثل: " ليعطف عليك " ونحوه، أو حذف المعلل أي: " ولتصنع فعلت ذلك " والمعنى: ولتربى وتغذي ويحسن إليك وأنا أراعيك كما يراعى الرجل الشئ بعينيه (2) إذا اعتنى به، وكما تقول للصانع، اصنع هذا على عيني أنظر إليك ليكون صنيعك على حسب ما أريده منك، وقرئ: " ولتصنع " بالجزم وسكون اللام (3) أو كسرها على أنه أمر. والعامل في * (إذ تمشى) *: * (ألقيت) * أو * (تصنع) * أو يكون بدلا من * (إذ أوحينا) *.
وروي: أن أخت موسى (عليه السلام) لما قالت لها أمه: قصيه اتبعت موسى متعرفة خبره، فرأتهم يطلبون له مرضعة يقبل ثديها لأنه كان لا يقبل ثدي امرأة، فقالت:
* (هل أدلكم) * فجاءت بأم موسى فقبل ثديها (4) * (وقتلت نفسا) * يعني: القبطي

(١) في نسخة: مقدرة.
(٢) في بعض النسخ: بعينه.
(٣) وهي قراءة أبي جعفر المدني. راجع تفسير البغوي: ج ٣ ص ٢١٧.
(4) رواه ابن إسحاق. راجع تفسير الطبري: ج 8 ص 414.
(٤٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 478 479 480 481 482 483 484 485 486 487 488 ... » »»