تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٢ - الصفحة ٤٦٦
الرحمن عهدا (78) كلا سنكتب ما يقول ونمد له من العذاب مدا (79) ونرثه ما يقول ويأتينا فردا (80)) * المعنى: مد * (له الرحمن) * أي: أمهله وأملى له في العمر (1)، فأتى به على لفظ الأمر ليعلم بذلك أنه حتم مفعول لا محالة كالمأمور به، ليقطع عذر الضال إذ عمره ما يمكنه التذكر فيه، أو يكون في معنى الدعاء بأن يمهله الله، أو بمعنى:
فليعش ما شاء فإنه لا ينفعه طول عمره * (حتى إذا رأوا) * الموعود رأي عين: * (إما العذاب) * في الدنيا وهو ظفر المسلمين بهم وتعذيبهم إياهم قتلا وأسرا * (وإما الساعة) * أي: يوم القيامة، وما ينالهم من النكال * (ف‍) * حينئذ * (يعلمون) * أن الأمر على عكس ما قدروه، وأنهم * (شر مكانا وأضعف جندا) * لا * (خير مقاما وأحسن نديا) * كما قالوه، و * (حتى) * هذه هي التي تحكى بعدها الجمل، والجملة هي قوله:
* (إذا رأوا ما يوعدون... فسيعلمون) *، والندي: المجلس الجامع لوجوه القوم.
* (ويزيد) * معطوف على موضع * (فليمدد) * والمعنى: يزيد في ضلال الضلال بخذلانه، ويزيد في هداية المهتدين بتوفيقه، و * (الباقيات الصالحات) * وهي أعمال الآخرة كلها * (خير... ثوابا) * من مفاخرات الكفار * (وخير) * مرجعا وعاقبة أو خير منفعة، من قولهم: ليس لهذا الأمر مرد وهو أرد عليك أي: أنفع، قال:
ولا يرد بكاي زندا (2) ولما كانت رؤية الشئ طريقا إلى علمه، وصحة الخبر عنه استعملوا " أرأيت "

(1) في نسخة زيادة: ويزيده بأنواع التنعم: كقوله: * (ويمدهم في طغيانهم) *.
(2) وصدر البيت: ما إن جزعت ولا هلعت. وهو من قصيدة لعمرو بن معد يكرب، وقبله:
كم من أخ لي صالح * بوأته بيدي لحدا يقول: إن هذا الأخ الصالح ما حزنت عليه حزنا شديدا ولا هينا، وهذا نفي الحزن رأسا، وهو لا يريد البكاء عليه، إذ لا يغني بكاه شيئا، فتعقيبه نفي الجزع بهذا تنبيها على أن صبره عن تأدب وتبصر ومعرفة بالعواقب. انظر خزانة الأدب للبغدادي: ج 11 ص 218 - 219.
(٤٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 461 462 463 464 465 466 467 468 469 470 471 ... » »»