تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٢ - الصفحة ٤٦٣
ويجوز أن يكون الواو في * (والشياطين) * للعطف، وأن يكون بمعنى " مع "، أي:
يحشرون مع قرنائهم من الشياطين الذين أضلوهم، يقرن كل كافر مع شيطان في سلسلة * (ثم) * يحضرون * (حول جهنم) * متجاثين (1) مستوفزين (2) على الركب، متخاصمين يتبرأ بعضهم من بعض، ومثله: * (وترى كل أمة جاثية) * (3).
و " الشيعة " هنا هي الطائفة التي شاعت، أي: تبعت غاويا من الغواة، والمعنى:
نستخرج * (من كل) * طائفة من طوائف الغي والضلال أعتاهم وأعصاهم، فإذا اجتمعوا طرحناهم في النار على الترتيب: نقدم أولاهم بالعذاب فأولاهم، ويجوز أن يريد بأشدهم * (عتيا) *: رؤساء الشيع وأئمتهم لتضاعف جرمهم، فإنهم ضلال ومضلون، كقوله: * (وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم) * (4).
واختلف في إعراب * (أيهم أشد) * فقال الخليل (5): إنه مرفوع على الحكاية والتقدير: * (لننزعن) * الذين يقال فيهم: * (أيهم أشد) * (6)، وقال سيبويه: هو مبني على الضم لسقوط صدر الجملة التي هي صلة * (أيهم) * وأصله: لننزعن من كل شيعة أيهم هو أشد، منصوبا (7).
* (وإن منكم) * التفات إلى الإنسان، ويعضده قراءة ابن عباس: " وإن

(١) الجثو: الجلوس على الركبتين، أو القيام على أطراف الأصابع. (القاموس: مادة جثا).
(٢) يقال: استوفز في قعدته: إذا قعد قعودا منتصبا غير مطمئن. (الصحاح: مادة وفز).
(٣) الجاثية: ٢٨.
(٤) العنكبوت: ١٣.
(٥) هو أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم الفراهيدي الأزدي، من أئمة اللغة والأدب وواضع علم العروض في الشعر، ولد عام ١٠٠ ه‍ في البصرة، وعاش فيها فقيرا صابرا مغمورا في الناس لا يعرف، وهو أستاذ سيبويه النحوي، توفي عام ١٧٠ ه‍. انظر وفيات الأعيان لابن خلكان: ج ٢ ص ١٥.
(٦) حكاه عنه تلميذه سيبويه ومكي بن أبي طالب القيسي. راجع كتاب سيبويه: ج ٢ ص ٣٣٩، ومشكل اعراب القرآن: ج 1 - 2 ص 458.
(7) انظر كتاب سيبويه: ج 2 ص 399.
(٤٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 458 459 460 461 462 463 464 465 466 467 468 ... » »»