تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٢ - الصفحة ٣٨٩
مقاما محمودا، أو ضمن * (يبعثك) * معنى: يقيمك، ويجوز أن يكون حالا بمعنى:
ذا مقام محمود، ومعنى المقام المحمود: المقام الذي يحمده فيه الأولون والآخرون وهو مقام الشفاعة، يسأل فيه فيعطى، ويشفع فيه فيشفع، ويشرف فيه على جميع الخلائق فيوضع في كفه لواء الحمد يجتمع تحته الأنبياء والملائكة.
و * (مدخل) * و * (مخرج) * بمعنى المصدر، أي: * (أدخلني) * في جميع ما أرسلتني به إدخالا مرضيا * (وأخرجني) * منه إخراجا مرضيا يحمد عاقبته، وقيل: يريد إدخاله مكة ظاهرا عليها بالفتح وإخراجه منها سالما (1)، وقيل: هو عام (2) * (سلطنا) * حجة تنصرني على من خالفني، أو ملكا وعزا ناصرا للإسلام على الكفر، فأجيبت دعوته بقوله: * (ليظهره على الدين كله) * (3)، * (فإن حزب الله هم الغالبون) * (4).
وكان حول البيت ثلاثمائة وستون صنما لقبائل العرب يحجون إليها، فلما نزلت هذه الآية يوم الفتح قال جبرئيل لرسول الله (صلى الله عليه وآله): خذ مخصرتك (5) ثم ألقها، فجعل يأتي صنما صنما وينكت بالمخصرة في عينه ويقول: * (جاء الحق وزهق البطل) *، فينكب الصنم لوجهه، فألقاها جميعا، وبقي صنم خزاعة فوق الكعبة وكان من قوارير صفر، فقال: يا علي ارم به، فحمله رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى صعد فرمى به فكسره، فجعل أهل مكة يتعجبون ويقولون: ما رأينا رجلا أسحر من محمد (صلى الله عليه وآله) (6).

(١) قاله الضحاك. راجع تفسير البغوي: ج ٣ ص ١٣٢.
(٢) حكاه الزمخشري في الكشاف: ج ٢ ص ٦٨٨.
(٣) التوبة: ٣٣.
(٤) المائدة: ٥٦.
(٥) المخصرة: كل ما اختصر الإنسان بيده فأمسكه من عصا ونحوه. (الصحاح: مادة خصر).
(٦) وهو ما رواه ابن مسعود كما في تفسير القرطبي: ج ١٠ ص ٣١٤.
(٣٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 384 385 386 387 388 389 390 391 392 393 394 ... » »»