تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٢ - الصفحة ٣٧٣
* (ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا (36) ولا تمش في الأرض مرحا إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا (37) كل ذلك كان سيئه عند ربك مكروها (38) ذلك مما أوحى إليك ربك من الحكمة ولا تجعل مع الله إلها آخر فتلقى في جهنم ملوما مدحورا (39) أفأصفاكم ربكم بالبنين واتخذ من الملائكة إناثا إنكم لتقولون قولا عظيما (40)) * يقال: قفا أثره وقافه واقتفاه واقتافه بمعنى: اتبعه، ومنه القافة (1)، أي: لا تكن في اتباعك * (ما) * لا علم * (لك به) * من قول أو فعل كمن يتبع مسلكا لا يعلم أنه يوصله إلى مقصده، والمراد: النهي عن أن يقول الرجل ما لا يعلم أو يعمل بما لا يعلم، ويدخل فيه النهي عن اتباع الظن وعن التقليد، وعن الحسن: لا تقف أخاك المسلم إذا مر بك فتقول: هذا يفعل كذا، ورأيته يفعل كذا ولم تر، وسمعته ولم تسمع (2). * (أولئك) * إشارة إلى * (السمع والبصر والفؤاد) *، و * (عنه) * في موضع الفاعل، أي: * (كل) * واحد منها كان * (مسؤولا) * عنه، ف‍ " مسؤول " مسند إلى الجار والمجرور، يقال للإنسان: لم سمعت ما لا يحل لك سماعه؟ ولم نظرت إلى ما لا يحل لك النظر إليه؟ ولم عزمت على ما لا يحل لك العزم عليه؟
* (مرحا) * حال، أي: ذا مرح * (لن تخرق الأرض) * لن تجعل فيها خرقا بشدة وطئك لها * (ولن تبلغ الجبال طولا) * بتطاولك، وهذا تهكم بالمختال.
قرئ: " سية " (3) و * (سيئه) * على إضافة " سئ " إلى ضمير * (كل) *، والسية في حكم الأسماء بمنزلة الإثم والذنب، فلذلك قال: * (سيئه) * مع قوله: * (مكروها) *

(1) في بعض النسخ: القافية.
(2) حكاه عنه الزمخشري في الكشاف: ج 2 ص 666.
(3) وهي قراءة ابن كثير ونافع وأبي عمرو. راجع كتاب السبعة في القراءات: ص 380.
(٣٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 368 369 370 371 372 373 374 375 376 377 378 ... » »»