تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٢ - الصفحة ٣١١
المقتسمون * (الذين جعلوا القرآن عضين) * إذ قالوا بعنادهم: بعضه حق موافق للتوراة والإنجيل وبعضه باطل مخالف لهما، فاقتسموه إلى حق وباطل وعضوه.
والثاني: أن يتعلق بقوله: * (وقل إني أنا النذير المبين) * أي: أنذركم عذابا مثل ما أنزلنا على المقتسمين الذين اقتسموا مداخل مكة أيام الموسم، وهم ستة عشر رجلا بعثهم الوليد بن المغيرة فقعدوا في كل مدخل ينفرون الناس عن الإيمان برسول الله (صلى الله عليه وآله)، يقول بعضهم: لا تغتروا بالخارج منا والمدعي النبوة فإنه ساحر، ويقول الآخر: كذاب، والآخر: شاعر، فأهلكهم الله يوم بدر وقبله بآفات، * (عضين) * اجزاء، جمع عضة، وأصله عضوة، فعلة من عضي الشاة إذا جعلها أعضاء.
* (لنسئلنهم) * عبارة عن الوعيد، وقيل: نسألهم سؤال توبيخ وتقريع:
لم عصيتم؟! (1).
* (فاصدع بما تؤمر) * أي: فاجهر به وأظهره، يقال: صدع بالحجة: إذا تكلم بها جهارا، من الصديع وهو الصبح، والأصل: بما تؤمر به من الشرائع، فحذف الجار، كما في قول الشاعر:
أمرتك الخير فافعل ما أمرت به (2) ثم حذف ضمير المفعول، ويجوز أن يكون " ما " مصدرية، أي: بأمرك، وهو مصدر من المبني للمفعول.
والمستهزئون: خمسة نفر ذوو أسنان وشرف: الوليد بن المغيرة والعاص بن

(١) وهو قول ابن عباس. راجع تفسير القرطبي: ج ١٠ ص ٦١.
(٢) وعجزه: فقد تركتك ذا مال وذا نشب. واختلف في قائله، فقيل: لخفاف بن ندبة، وقيل:
لعباس بن مرداس، وقيل: لعمرو بن معدي كرب واليه مال سيبويه، وقيل: لأعشى طرود وإليه مال البغدادي في خزانة الأدب، وقيل: لزرعة بن السائب وإليه ذهب المرزباني. انظر خزانة الأدب: ج ١ ص ٣٣٩ - 345.
(٣١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 306 307 308 309 310 311 312 313 314 315 316 ... » »»