تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٢ - الصفحة ٢٩
شبهت في نفوذ أمرها بالريح وهبوبها، قالوا: هبت رياح فلان: إذا دالت له الدولة ونفذ أمره، وقيل: لم يكن قط نصر إلا بريح يبعثها الله (1).
وفي الحديث: " نصرت بالصبا، وأهلكت عاد بالدبور " (2).
* (كالذين خرجوا من ديرهم) * هم أهل مكة خرجوا ليحموا (3) عيرهم، فأتاهم رسول أبي سفيان وهم بالجحفة (4): أن ارجعوا فقد سلمت عيركم، فأبى أبو جهل وقال: حتى نقدم بدرا نشرب بها الخمور وتعزف علينا القيان، فذلك بطرهم ورئاؤهم الناس: إطعامهم، فوافوها فسقوا كأس الحمام (5) مكان الخمر، وناحت عليهم النوائح مكان القيان.
* (وإذ زين لهم الشيطان أعملهم وقال لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه وقال إني برئ منكم إني أرى مالا ترون إني أخاف الله والله شديد العقاب (48)) * قيل: إن قريشا لما اجتمعت للمسير ذكرت ما بينها وبين كنانة من الحرب فكاد ذلك يثنيهم، فتمثل لهم إبليس في صورة سراقة بن مالك بن جعشم الكناني (6) وكان من أشرافهم، ف‍ * (قال لا غالب لكم اليوم... وإني) * مجيركم من بني كنانة * (فلما) * رأى الملائكة تنزل * (نكص) * ولما نكص قال له

(١) قاله قتادة وابن زيد. راجع تفسير الطبري: ج ٦ ص ٢٦١.
(٢) صحيح البخاري: ج ٢ ص ٤١، مسند أحمد: ج 1 ص 228 و 324.
(3) في نسخة: ليجمعوا.
(4) الجحفة: موضع بين مكة والمدينة.
(5) في نسخة: المنايا، والحمام - بالكسر -: قدر الموت. (الصحاح: مادة حمم).
(6) ويكنى أبا سفيان، كان في الجاهلية قائفا، وقد روى البخاري قصته في إدراكه النبي (صلى الله عليه وآله) لما هاجر إلى المدينة واقتفاءه أثره، ثم دعا النبي (صلى الله عليه وآله) عليه حتى ساخت رجلا فرسه، ثم طلبه من النبي (صلى الله عليه وآله) الخلاص وأن لا يدل عليه، ففعل (صلى الله عليه وآله)، وأسلم يوم الفتح، مات سنة 24 ه‍ في أول خلافة عثمان. انظر الإصابة في تمييز الصحابة: ج 2 ص 19.
(٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 ... » »»