تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٢ - الصفحة ٢١٩
روي: أنه كان إذا مرض رجل منهم قام عليه، وإذا ضاق على أحد منهم مكانه وسع له، وإن احتاج جمع له (1).
وعن الشعبي: أن الفتيين امتحناه، فقال الشرابي: إني أراني في بستان فإذا بأصل حبلة (2) عليها ثلاث عناقيد من عنب فقطعتها وعصرتها في كأس الملك وسقيته، وقال الخباز: إني أراني فوق رأسي ثلاث سلال فيها أنواع الأطعمة فإذا سباع الطير ينهبن منها (3). * (نبئنا) * بتأويل ذلك.
ولما استعبراه ووصفاه بالإحسان ابتدأ فوصف نفسه بما هو فوق علم العلماء وهو الإخبار بالغيب، وأنه ينبئهما بما يحمل إليهما من الطعام في السجن قبل أن يأتيهما، ويصفه لهما ويقول: اليوم * (يأتيكما طعام) * بصفة كذا وكذا فيجدانه على ما أخبر به، وجعل ذلك تخلصا إلى أن يذكر لهما التوحيد ويعرض عليهما الإيمان ويقبح إليهما الشرك بالله * (ذا لكما) * إشارة إلى التأويل، أي: ذلك التأويل والاخبار بالغائبات * (مما علمني ربى) * وأوحى به إلي، ولم أقله عن تكهن وتنجم * (إني تركت) * يجوز أن يكون استئناف كلام، وأن يكون تعليلا لما قبله أي: علمني ربي لأني تركت * (ملة) * أولئك * (واتبعت ملة آبائي) * الأنبياء المذكورين وهي الملة الحنيفية، وذكر آباءه ليريهما أنه من أهل بيت النبوة ومعدن الوحي بعد أن عرفهما أنه نبي يوحى إليه، ليقوي رغبتهما في الاستماع إليه * (ما كان لنا) * أي: ما صح لنا - معشر الأنبياء - الشرك * (بالله) *، * (ذلك) * التمسك بالتوحيد * (من فضل الله علينا وعلى الناس) * على الرسل وعلى المرسل إليهم * (ولكن أكثر) * المرسل إليهم

(1) رواه قتادة والضحاك والسدي. راجع تفسير الطبري: ج 7 ص 214.
(2) الحبلة - بالتحريك -: القضيب من الكرم. (الصحاح: مادة حبل).
(3) حكاه عنه الزمخشري في الكشاف: ج 2 ص 469.
(٢١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 224 ... » »»