تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٢ - الصفحة ١١٤
وضع * (استعجالهم بالخير) * موضع تعجيله لهم الخير إشعارا بسرعة إجابته لهم حتى كأن استعجالهم بالخير تعجيل له، والمراد قول من قال: * (فأمطر علينا حجارة من السماء) * (1)، والمعنى: * (ولو) * عجلنا لهم * (الشر) * الذي دعوا به كما نعجل لهم الخير ونجيبهم إليه * (لقضى إليهم أجلهم) * لأميتوا وأهلكوا، وقرئ:
" لقضى إليهم أجلهم " (2) وتنصره قراءة عبد الله: " لقضينا إليهم أجلهم " (3)، * (فنذر الذين لا يرجون لقاءنا) * معناه: فلا نعجل لهم الشر ولا نقضي إليهم أجلهم، فنذرهم * (في طغيانهم) * أي: فنمهلهم ونملي لهم إلزاما للحجة عليهم.
وقوله: * (لجنبه) * في موضع الحال أي: مضطجعا، والمعنى: أنه لا يزال داعيا لا يفتر في الدعاء حتى يزول عنه * (الضر) * فهو يدعو في حالاته كلها ليستدفع البلاء، و * (الانسان) * للجنس * (فلما كشفنا) * أي: أزلنا * (عنه ضره مر) * أي:
مضى على طريقته الأولى قبل أن مسه الضر، أو مر عن موقف الدعاء والتضرع لا يرجع إليه كأنه لا عهد له به * (كأن) * تخفيف " كأن " وحذف ضمير الشأن منه، كقوله:
كأن ظبية تعطو إلى وارق السلم (4) * (كذلك) * أي: مثل ذلك التزيين * (زين للمسرفين) * زين الشيطان بوسوسته لهم ترك الدعاء عند الرخاء واتباع الشهوات والأماني الباطلة.

(١) الأنفال: ٣٢.
(٢) وهي قراءة ابن عامر ويعقوب. راجع التبيان: ج ٥ ص ٣٤٤.
(3) حكاها عنه الزمخشري في الكشاف: ج 2 ص 332.
(4) البيت منسوب لباعث بن صريم اليشكري عن سيبويه والنحاس، وقيل: لأرقم بن علباء اليشكري عن القالي، وقيل: لراشد بن شهاب اليشكري عن أبي عبيد البكري، وقيل لغيرهم. وصدره: ويوما توافينا بوجه مقسم. راجع خزانة الأدب للبغدادي: ج 10 ص 411.
(١١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 ... » »»