تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ١ - الصفحة ٧٠٠
بالأرض * (فلما تجلى ربه للجبل) * أي: ظهر له اقتداره وتصدى له أمره وإرادته * (جعله دكا) * أي: مدكوكا، مصدر بمعنى مفعول، والدك والدق مثلان، وقرئ:
" دكاء " (1)، والدكاء: الربوة الناشزة من الأرض لا تبلغ أن تكون جبلا، أو يريد أرضا دكاء: مستوية، من قولهم: ناقة دكاء: مستوية السنام (2) * (وخر موسى صعقا) * من هول ما رأى، وصعق من باب فعلته ففعل، تقول: صعقته فصعق وأصله من الصاعقة، ومعناه: خر مغشيا عليه غشية كالموت * (فلما أفاق) * من صعقته * (قال سبحانك) * أنزهك مما لا يجوز عليك * (تبت إليك) * من طلب الرؤية * (وأنا أول المؤمنين) * بأنك لا ترى.
سورة الأعراف / 143 - 145 وقيل (3): في الآية وجه آخر وهو أن يكون المراد بقوله: * (أرني أنظر إليك) * عرفني نفسك تعريفا واضحا جليا بإظهار بعض آيات الآخرة التي تضطر الخلق إلى معرفتك * (أنظر إليك) * أعرفك معرفة ضرورية كأني أنظر إليك، كما جاء في الحديث: " سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر " (4) بمعنى: ستعرفونه معرفة جلية هي في الجلاء مثل إبصاركم القمر إذا امتلأ واستوى بدرا، قال: * (لن تريني) * لن تطيق معرفتي على هذه الطريقة ولن تحتمل قوتك تلك الآية * (ولكن انظر إلى الجبل) * فإني أورد عليه آية من تلك الآيات * (فإن) * ثبت لتجليها و * (استقر مكانه فسوف) * تثبت لها وتطيقها * (فلما تجلى ربه) * فلما ظهرت للجبل آية من آيات ربه * (جعله دكا وخر موسى صعقا) * لعظم ما رأى * (فلما أفاق قال سبحانك

(١) قرأه حمزة والكسائي. راجع تفسير البغوي: ج ٢ ص ١٩٧، وكتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص ٢٩٣، والتذكرة في القراءات لابن غلبون: ج ٢ ص ٤٢٥، والبحر المحيط لأبي حيان: ج ٤ ص ٣٨٤، وفي التبيان: ج ٤ ص ٥٣٣: هي قراءة أهل الحجاز إلا عاصما.
(٢) انظر لسان العرب: مادة " دكك "، ومفردات الراغب الأصفهاني: ص ١٧١.
(٣) نسب هذا القول في مجمع البيان: ج ٣ - ٤ ص ٤٧٥ إلى أبي القاسم البلخي.
(٤) مسند أبي عوانة: ج ١ ص ٣٧٦، مسند أبي حنيفة: ص 19
(٧٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 695 696 697 698 699 700 701 702 703 704 705 ... » »»